زيادة وتفصيل :
(ا) عرفنا أن العوامل الأصلية لا تدخل على المبتدأ ، أما غير الأصلية (وهى الزائدة وشبه الزائدة) فقد تدخل ؛ فمثال الزائدة «من» فى قوله تعالى : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ)(١) اللهِ) ، ومثال شبه الزائدة : «ربّ» فى مثل : ربّ قادم غريب أفادنا. فكلمة : «من» حرف جر زائد ؛ دخل على المبتدأ ؛ فجرّه فى اللفظ ، دون المحل. ولذلك نقول فى إعرابه : إنه مبتدأ مجرور بمن فى محل رفع (٢).
وكذلك كلمة : «قادم» فإنها مبتدأ مجرور فى اللفظ بحرف الجر الشبيه بالزائد ، وهو : «ربّ» ـ فى محل رفع (٣).
__________________
أى : إن قلت : (زيد عاذر من اعتذر ؛ بمعنى ؛ أنه قابل عذر من اعتذر) فزيد مبتدأ ، و «عاذر» خبر. وإن قلت : (أسار هذان؟ فإن : «سار» ـ وهو الاسم الأول ، مبتدأ ، و «ذان» ـ وهو الاسم الثانى ـ فاعل أغنى عن الخبر ؛ لأن المبتدأ وصف مسبوق هنا باستفهام. ثم قال : قس على هذا المثال أشباهه ؛ من كل وصف معتمد على استفهام ، أو نفى ويجوز ـ بقلة ـ ألا يسبقه شىء منهما ؛ نحو : فائز أولو الرشد ؛ فلا يتغير الإعراب
(١) يعرب النحاة كلمة «غير» فى هذه الآية إما صفة لخالق ، (التى هى مبتدأ مجرورة فى اللفظ ، مرفوعة فى المحل) والخبر محذوف ؛ فالتقدير : هل من خالق غير الله «لكم» ، وإما خبر المبتدأ ولا يعربونها فاعلا يغنى عن الخبر ؛ بحجة أن الوصف الذى له فاعل يغنى عن الخبر بمنزلة الفعل ، والفعل لا تدخل عليه «من» الزائدة ؛ فكذا ما هو بمنزلته. وهذا رأى أساسه التخيل والتوهم ؛ فلا داعى للأخذ به ؛ كى لا تخرج هذه الحالة من القاعدة العامة بغير حجة مقبولة.
(٢) ومن أمثلة ذلك : (بحسبك علم ، فإنه أمضى سلاح ، وكافيك بحسن الخلق ؛ فإنه غنى دائم) فالباء فى كلمتى : «حسب» و «حسن» حرف جر زائد ، وما بعدها مجرور بها فى محل رفع مبتدأ. «وحسبك» بمعنى «كافيك» وكلاهما بمعنى : يكفيك. وقد سبقت إشارة إلى استعمال : «فحسب» فى هامش ص ٣٨٢ أما تفصيل الكلام عليها ففى ج ٣ باب الإضافة ، ص ١٢٠ م ٩٤. ومن الأمثلة أيضا : ناهيك بدين الله ؛ فالباء حرف جر زائد ، و «دين» مجرور بها فى محل رفع مبتدأ ، وخبره كلمة : «ناهى ...» والمعنى دين الله ناهيك عن طلب غيره ؛ لكفايته. وهذه الكلمة متوغلة فى الأبهام (انظر ج ٣ م ٩٣) وفى الأمثلة السابقة إعرابات أخرى ليس مكانها هنا. ومن مواضع زيادة «باء الجر دخولها على المبتدأ بعد «إذا» الفجائية ، نحو خرجت فإذا بالصديق قادم ـ كما جاء فى المغنى عند الكلام على : «باء الجز» وكذلك دخولها على المبتدأ الضمير فى مثل : كيف بك عند اشتداد الكرب. والأصل كيف أنت ... فلما زيدت الباء وجب تغيير الضمير «أنت» لأنه ضمير مقصور على الرفع. فأتينا بدله بضمير يؤدى معناه ويصلح لدخول حرف الجر ، وهو : «كاف» المخاطب ، مجروره بالباء لفظا فى محل رفع مبتدأ ـ وسيجىء البيان فى باب حروف الجر ج ٢ م ٩٠ عند الكلام على الباء.
(٣) تقدم فى هامش ٤٠٠ الكلام على حرف الجر الأصلى ، والزائد ، والشبيه بالزائد.