__________________
ـ لا يعرف أنه زميله فى الدراسة ؛ فتقول : إبراهيم زميلك ، جاعلا المبتدأ هو المعروف له ، والخبر هو المجهول له ، المحكوم به ـ وذلك شأن الخبر فى الأغلب كما قدمنا ؛ أن يكون هو الشىء المجهول للمخاطب وأنه المحكوم به ـ فلا يصح أن تقول : زميلك إبراهيم بغير قرينة تدل على تقديم الخبر. أما إذا عرف زميلا له ولكنه لا يعرف اسمه وأردت أن تعين له الاسم فإنك تقول : زميلك إبراهيم ؛ جاعلا المعلوم له هو المبتدأ ، والمجهول له المحكوم به هو الخبر ، فلو عكس الأمر فى إحدى الصورتين السالفتين لانعكس المعنى تبعا لذلك واختلف المراد ؛ إذ يصير المحكوم به محكوما عليه والعكس.
ـ راجع ج ٣ ص ١٥٤ من شرح المفصل. ولما سبق إشارة موجزة فى رقم ٢ من هامش ص ٤٤٩ ـ ومن شروط الخبر ألا يكون معلوما من المبتدأ وتوابعه ؛ فلا يقال : والد محمد والد ، ولا كتاب على صاحبه على ... ـ راجع حاشية ياسين على التوضيح ج ٢ باب الترخيم عند الكلام على المحذوف للترخيم ـ
لما سبق لا يصح أن يكون معنى الخبر المفرد هو معنى المبتدأ ، سواء أكان موافقا له فى اللفظ أم غير موافق. لكن إذا دل الخبر على زيادة معنى ليست فى المبتدأ ، وقامت القرينة على هذه الزيادة ـ صح وقوعه خبرا ولو كان مماثلا للمبتدأ فى لفظه ، فيصح أن يقال : والد محمد والد ، إذا قامت القرينة على أن المراد : أنه والد عظيم ، أو رحيم ، أو نحو ذلك ، كما يصح أن يقال : كتاب على صاحبه على ، إذا قامت القرينة على أن المراد : أنه على العالم ، أو الخبير ، أو غير هذا مما يجعل معنى الخبر جديدا ليس مستفادا من المبتدأ وتوابعه. وعلى هذا الأساس يقال : المال مال ـ الحرب حرب ، الجد جد ـ الشمس منيرة ـ كل هذا بشرط قيام القرينة على أن المراد من الخبر معنى جديد ـ كما قلنا ـ غير معنى المبتدأ وتوابعه. ويصح أن يكون من هذا قول الشاعر يحن إلى وطنه :
بلاد كما كنّا وكنّا نحبها |
|
إذ الأهل أهل والبلاد بلاد |
وقول الآخر :
الحرّ حرّ عزيز النّفس ثوى |
|
والشمس فى كل برج ذات أنوار |
«ملاحظة» :
قد يتمم الخبر ـ بنفسه ـ الفائدة مع المبتدأ ، وهذا هو الأصل الأغلب ؛ لأنه المحكوم به على المبتدأ ؛ كما عرفنا. وقد يتممها فى بعض الأحيان بمساعدة لفظ آخر يتصل به نوع اتصال ، كالنعت فى قوله تعالى يخاطب المعارضين : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) أى : ظالمون. وقوله : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) وقول الشاعر :
نقول فيرضى قولنا كلّ سامع |
|
ونحن أناس نحسن القول والفعلا |
فالذى تمم الفائدة الأساسية هو النعت ، لا الخبر ، لأن معنى الخبر معلوم بداهة فى الأمثلة السالفة من ضمير التكلم أو التخاطب ، فكلاهما قد دل بذاته وبصيغته المباشرة على حقيقة صاحبه وهى : «قوم» أو : «أناس» فهذ الخبر من النوع الذى يكمل هو وتابعه مجتمعين الفائدة الأساسية مع المبتدأ على الوجه المشار إليه فى : «ا» و «ب» من ص ٤٨٤ وتجىء له إشارة أخرى فى ج ٣ باب النعت ومثل البيت السابق قول الآخر :
ونحن أناس نحبّ الحديث |
|
ونكره ما يوجب المأثما |
وما ينطبق على خبر المبتدأ ينطبق على خبر النواسخ أيضا ، كقول الشاعر :
ولا خير فى رأى بغير رويّة |
|
ولا خير فى رأى تعاب به غدا |
إذ لا تتحقق الفائدة من : «نحن أناس» ـ ولا من : «لا خير فى رأى» فهذا فى البيت غير صحيح المعنى بغير انضمام الصفة إليه ، ـ وهى شبه الجملة فى الشطر الأول ، والجملة فى الشطر الثانى.