أن تستغنى الجملة عنه فى إتمام معناها الأساسى ، كالحكم على الشموس بالتعدد ؛ وعلى الأقمار بالكثرة ، وعلى المحيطات بأنها خمس ...) ذلك الاسم يسمى : «مبتدأ» والكلمة الأخرى تسمى : «خبر» المبتدأ.
وفى القسم (ب) أمثلة لمبتدأ أيضا ، ولكنه غير محكوم عليه بأمر ؛ لأنه وصف (١) يحتاج (٢) إلى فاعل بعده ، أو نائب فاعل ؛ يتمم الجملة ، ويكمل معناها الأساسى ؛ مثل : كلمتى : «البناء» «والظلم» فإنهما فاعلان للوصف (٣) ومثل كلمة : «الجبان» ؛ فإنها نائب فاعل له (٤). وقد استغنى الوصف بمرفوعه عن الخبر.
مما سبق نعرف أن المبتدأ : اسم مرفوع فى أول جملته (٥) ، مجرد من العوامل اللفظية الأصلية ، محكوم عليه بأمر. وقد يكون وصفا مستغنيا بمرفوعه فى الإفادة وإتمام الجملة. والخبر هو : اللفظ الذى يكمل المعنى مع المبتدأ (٦) ، ويتمم (٧)
__________________
(١) كررنا أن المراد بالوصف هنا : «المشتق» وهو : ما أخذ من كلمة أخرى ـ يغلب أن تكون مصدرا ـ وتفرع منها ، مع تقارب بينهما فى المعنى والحروف. ويجب أن يكون فى هذا الباب نكرة ؛ لأنه بمنزلة الفعل ، والفعل فى حكم النكرة ـ كما رددنا فى رقم ١ من هامش ص ١٩٢ وغيرها ـ وهناك ما يقوم مقام الوصف وسيذكر فى ص ٤٠٦.
(٢) ذلك لأن بعض أنواع الوصف يشبه الفعل فى أنه يرفع بعده فاعلا أو نائب فاعل ؛ وذلك بشروط معينة ... فاسم الفاعل يرفع فاعلا ، واسم المفعول يرفع نائب فاعل ، وهكذا ... مثل أحاضر ضيفك؟ أمحبوس اللص؟
(٣) الوصف فى الأول اسم فاعل ، وفى الثانى صفة مشبهة.
(٤) لأن الوصف اسم مفعول ؛ فهو يحتاج إلى نائب فاعل ـ كما سبق فى رقم ٢ وكما سيجىء فى رقم ٣ من هامش ص ٤١٠ ـ.
(٥) غالبا.
(٦) أين الخبر فى قولهم : فلان. وإن كثر ماله ـ لكنه بخيل ..؟ انظر الإجابة فى : «و» من ص ٤٠٨.
(٧) وإنما كان الخبر متمما المعنى الأساسى للجملة ، لأنه حكم صادر على المبتدأ. أى : أن المبتدأ هو الشىء المحكوم عليه ، والخبر هو الشىء المحكوم به (أى : هو الحكم) وهذا يقتضى ـ فى الغالب ـ أن يكون المبتدأ معلوما للمتكلم وللسامع معا قبل الكلام ؛ ليقع الحكم على شىء معلوم ، وأن الخبر يكون مجهولا للسامع ، لا يعرفه إلا بعد النطق به ، أو أنه هو موضع الاهتمام به والتطلع إليه دون المبتدأ. والرغبة فى إعلان هذا المجهول ، وكشف أمره ، ونسبته إلى المبتدأ ـ هى الداعية للنطق بالجملة الاسمية كلها. ولذا يقول المحققون : إن الأساس الصحيح بين المبتدأ والخبر والاهتداء إلى تمييز كل منهما بدون خلط إنما يقوم بينهما على الفارق المعنوى السابق ؛ فما كان منهما معلوما قبل الكلام ، ولا يساق الحديث لإعلانه وإبانته للسامع فهو المبتدأ (أى : المحكوم عليه) ولو جاء لفظه متأخرا فى الجملة ، وما كان منهما مجهولا للسامع ، ويريد المتكلم إعلامه به وإذاعته له فهو الخبر أى : المحكوم به ، ولو جاء لفظه متقدما. فإن لم يوجد عند السامع علم سابق بأحدهما ، ولم توجد قرينة دالة على التمييز بينهما وجب تقديم المبتدأ ، وتأخير الخبر ، ليكون الترتيب دالا ومرشدا على كل منهما ويرتفع اللبس.
ولزيادة الإيضاح نسوق المثال الآتى : أن يعرف المخاطب شخصا مثل : إبراهيم بعينه واسمه ، ولكنه ـ