مطلقا. ولكن تبقى الدلالة على الزمن ملحوظة ، ومستفادة من العبارة الأصلية التى سبك منها ؛ فكأنه يحمل فى طيه الزمن الذى كان فى تلك العبارة قبل السبك. أما هو فلا يدل بذاته المجردة على زمن. وبالرغم من هذا لا يمكن معه إغفال الزمن السابق على السبك ، وخاصة بعد أن عرفنا أن ذلك الزمن قد يكون سببا من أسباب اختيار المصدر المؤول دون الصريح ؛ ففى نحو : شاع أن نهض العرب فى كل مكان ـ نقول : «شاع نهوض العرب فى كل مكان» ، فيكون زمن النهوض ماضيا على حسب الزمن الذى فى الأصل قبل التأويل ، لا على حسب المصدر المؤول ذاته ؛ فإنه مجرد من الزمن. أما فى مثل : «الشائع أن ينهض العرب فى كل مكان» فيكون المصدر المؤول هو : «الشائع نهوض العرب» ، أيضا فيكون زمن النهوض هنا مستقبلا ؛ مراعاة للزمن الذى فى العبارة الأولى. لهذا كان المصدر المؤول من «أن» وصلتها ملاحظا فيه الزمن الماضى أو المستقبل على حسب نوع الفعل الذى دخل فى السبك ؛ أماض هو فيلاحظ المضى بعد التأويل؟ أم مضارع فيلاحظ الزمن بعد التأويل مستقبلا؟ ولا يكون للحال ، لأن المضارع المنصوب «بأن» يتخلص للاستقبال ، ولا يكون للحال (١). ومثلها : «لو» المصدرية فإنها بمعناها تخلص زمنه للاستقبال وإن كانت لا تنصبه ـ كما تقدم عند الكلام عليها (٢) ـ وكذا : «ما» المصدرية فإنها لا تنصبه ، وإذا دخلت على جملة مضارعية كان المصدر المنسبك منها ومن صلتها للحال ـ غالبا ـ وقد تكون لغيره (٣).
أما «كى» فالمصدر المنسبك منها ومن صلتها مستقبل الزمن ، وذلك على
__________________
(١) وقد سبق أن النواصب والجوازم والسين وسوف ... تخلص المضارع للاستقبال (راجع ص ٥٥).
(٢) فى ص ٣٧٣.
(٣) جاء فى شرح المفصل ج ٨ ص ١٤٤ ما يقطع بأن زمن المصدر المنسبك من «أن» وصلتها الجملة الفعلية يكون إما ماضيا ، وإما مستقبلا على حسب نوع الفعل الذى فى صلتها. أما زمن المصدر المنسبك من «ما» وصلتها فمعناه الحال. فهل يكون للحال دائما ولو كان الفعل ماضيا؟ الأمر غامض. والرأى أنه للحال ما لم تقم قرينة على غيره ، فيراعى ما تدل عليه القرينة وهذا يوافق ما جاء فى الجزء الثانى من حاشيتى الصبان والخضرى ، أول باب : «إعمال المصدر» ففى الخضرى ـ وهو مضمون كلام الصبان أيضا ـ ما نصه :
(مقتضى كلام الشارح أن : «ما» لا تقدر مع الماضى ولا المستقبل ، وليس كذلك. بل هى صالحة للأزمنة الثلاثة) وهذا نص كلام الصبان ـ ثم قال الخضرى : (إلا أن يقال إنهم خصوها. بذكر الحال ، لتعذره مع «أن» ولأن دلالة : «أن» مع الماضى على المضى ومع المضارع على المستقبل أشد من دلالة : «ما» عليهما).