أحسن ما عرف الحق. وكذلك فى حالات أخرى من التعجب يجىء بيانها فى بابه ـ ح ٣ ـ
ومن الثانية الفروق الآتية بين المصدر المؤول والمصدر الصريح :
١ ـ أنه لا يصح وقوع المصدر المؤول من «أن» والفعل مفعولا مطلقا مؤكدا للفعل ؛ فلا يقال : فرحت أن أفرح. فى حين يصح أن يؤكّد الفعل بالمصدر الصريح ؛ مثل : فرحت فرحا.
٢ ـ لا يصح أن يوصف المصدر المؤول ؛ فلا يقال : يعجبنى أن تمشى الهادئ ، تريد : يعجبنى مشيك الهادئ. مع أن الصريح يوصف.
٣ ـ قد يسد المصدر المؤول من «أن» والفعل مسد الاسم والخبر فى مثل : عسى أن يقوم الرجل ؛ على اعتبار «عسى» ناقصة (١) ، والمصدر المؤول من «أن» والمضارع وفاعله يسد مسد اسمها وخبرها معا. وليس كذلك الصريح.
٤ ـ قد يسد المصدر المؤول من «أن» والفعل مسد المفعولين فيما يحتاج إلى مفعولين ؛ مثل : «حسب» فى قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا ..) وليس كذلك الصريح. ومثل هذا يقال فى : «أنّ» و «أن» الناسختين ـ أى :المشدّدة والمخففة ـ مثل قول الشاعر :
فإنك كالليل الذى هو مدركى |
|
وإن خلت أن المنتأى (٢) عنك واسع |
٥ ـ يصح أن يقع المصدر المؤول خبرا عن الجثة من غير تأويل فى نحو : علىّ إما أن يقول الحق وإما أن يسكت ؛ لاشتماله على الفعل والفاعل والنسبة بينهما بخلاف المصدر الصريح.
* * *
(د) من المعلوم (٣) أن المصدر الصريح (مثل ، أكل ـ شرب ـ قيام ـ قعود) لا يدل على زمن مطلقا ، وكذلك المصدر المؤول الذى يكون نتيجة سبك الحرف المصدرى وصلته ؛ فإنه ـ وقد صار مصدرا ـ لا يدل بنفسه على زمن
__________________
(١) فى رأى فريق كبير من النحاة ، دون فريق ـ كما سيجىء فى رقم ٢ من هامش ص ٥٦٣ ـ ورأيه أنسب.
(٢) المنتأى : النأى والبعد ، أو مكانهما. والبيت من قصيدة للنابغة الذبيانى يمدح بها النعمان ويعتذر له عن وشاية وصلته ، ويصفه هنا بأنه واسع السلطان والنفوذ ، لا يستطيع أحد أن يخرج من دائرة نفوذه ، أو يفر من سطوته ، كالليل لا يفر منه أحد.
(٣) مما سبق فى رقم ١ ص ٣٧٧.