فإذا زاد على آخرها الكاف المفتوحة للخطاب (١) وحدها أو مع «ها» التنبيه صارت مع الظرفية اسم إشارة للمكان المتوسط ؛ مثل : هناك ، أو : «ها هناك» فى الحديقة الفواكه. وإن اتصل بآخرها كاف الخطاب المفتوحة واللام صارت مع الظرفية اسم إشارة للمكان البعيد ؛ مثل : هنالك فى الصعيد أبدع الآثار. وفى هذه الصورة تمتنع «ها» التنبيه ، لأن «ها» التنبيه لا تجتمع مع لام البعد ـ كما أشرنا ـ.
وقد يدخل على صيغتها بعض تغيير ، فتصير اسم إشارة للمكان البعيد ؛ من ذلك : هنّا ، هنّا ، هنّت ـ هنّت ... فهذه لغات فيها ، وكلها تفيد مع الظرفية الإشارة للمكان البعيد.
وأما الأخرى : «ثمّ» فاسم إشارة إلى المكان البعيد ؛ مثل : تأمل النجوم فثم الجلال والعظمة. وهى (٢) كسابقتها ظرف مكان لا يتصرف ، إلا أن «ثمّ» للبعيد خاصة ، ولا تلحقها «ها» التنبيه ، ولا كاف الخطاب ، وهما اللذان قد يلحقان نظيرتها. وقد تلحقها ـ دون نظيرتها ـ تاء التأنيث المضبوطة ـ غالبا ـ بالفتح ؛ فيقال ثمّة (٣).
__________________
(١) ولا بد أن تكون هذه الكاف معها مفردة ومفتوحة ، مهما تغير المخاطب ؛ ولذلك يسمونها : كاف الخطاب غير المتصرفة. أما الكاف مع غيرها فقد سبق فى رقم ١ من هامش ص ٢٩٢ أنها تكون متصرفة كاملة التصرف ؛ وهذا هو الأحسن. وقد تكون ناقصة النصرف فى رأى آخر ، وقد تكون غير متصرفة مطلقا فى رأى ثالث.
(٢) يشير ابن مالك إلى ما سبق بقوله :
وبهنا أو : ها هنا أشر إلى |
|
دانى المكان ، وبه الكاف صلا |
فى البعد. أو بثمّ فه ، أو : هنّا |
|
أو بهنالك ، انطقن ، أو هنّا |
يقول : أشر إلى المكان القريب بكلمة : هنا ، من غير «ها» التى للتنبيه ، أو مع «ها» التنبيه ؛ فتقول : «ها هنا».
أما عند الإشارة إلى البعد فصل الكاف بكلمة : «هنا». و «هاهنا» ، أو : جىء باسم إشارة آخر يفيد البعد ؛ وهو : ثم ، أو : هنّا أو : هنالك .. ولا تخرج هذه الظروف (ثم وكذا هنا ، باستعمالاتها المختلفة) من الظرفية إلا إلى شبه الظرفية ، وهو : الجر بالحرف : «من» ، أو إلى (انظر رقم ١ من هامش ص ٣٠٢.
(٣) من العرب من يسكن هذه التاء ، ومنهم من يستغنى عنها فى حال الوقف فقط. ومنهم من يستغنى عنها بهاء ساكنة يثبتها فى حال الوقف فقط : ويسمونها : «ها السكت». ومنهم من يبقى هاء السكت فى الوصل أيضا ؛ فيجعل الوقف والوصل سيان. وكل هذه لهجات نحن فى غنى عنها اليوم مكتفين بالكلمة مجردة من كل زيادة ، أو مع زيادة التاء المربوطة ، المتحركة بالفتحة ؛ منعا للآراء الكثيرة التى لا داعى لها فى حياتنا القائمة ، ولا أثر لها إلا العناء والإبهام. وحسب المتخصصين ـ وحدهم ـ أن يعرفوا هذه اللغات لفهم النصوص القديمة دون استعمالها.