لفظى ، لا تقديرى ؛ لوجود ذات الواو ، ولكن فى صورة ياء. وتغير صورتها لعلة تصريفية لا يقتضى أن نقول إنها مقدرة. والخلاف بين هذين الرأيين لا قيمة له ؛ لأنه خلاف لفظى ، شكلى ، لا يترتب عليه شىء عملى ؛ فلا مانع من اتباع أحد الرأيين. والأول أفضل لموافقته لبعض حالات خاصة أخرى.
ز ـ جسم الإنسان ـ وغيره ـ ذو أعضاء ، وأجزاء ، وأشياء أخرى تتصل به ، منها : ما يلازمه ويتصل به دائما ، فلا ينفصل عنه فى وقت ، ثم يعود إليه فى وقت آخر ؛ كالرأس ؛ والأنف ، والظهر ، والبطن ، والقلب ... ومنها : ما يتصل به حينا ، وينفصل عنه حينا ، ويعود إليه بعد ذلك ؛ كالثوب ، والأدوات الجسمية الأخرى وأشباهها ... فإذا كان فى الجسم شىء واحد لا يتعدد ، ولا ينفصل عنه ، كالرأس ؛ والقلب ـ ضممت إليه مثله جاز فيه ثلاثة أوجه :
أوّلها : الجمع : وهو الأكثر. نحو : ما أحسن رءوسكما. ومنه قوله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) وإنما عبروا بالجمع مع أن المراد التثنية ، لأن التثنية فى الحقيقة جمع لغوى (١) ؛ ولأنه مما لا يقع فيه لبس ، ولا إشكال ؛ فمن المعلوم ألا يكون للإنسان إلا رأس واحد ، أو قلب واحد ...
ثانيها : التثنية على الأصل وظاهر اللفظ ؛ نحو : ما أحسن رأسيكما ، وأطيب قلبيكما.
ثالثها : الإفراد ؛ نحو ؛ ما أحسن رأسكما ، وأطيب قلبكما. وهذا جائز لوضوح المعنى ، إذ كل فرد له شىء واحد من هذا النوع ، فلا يشكل ، ولا يوقع فى لبس. فجىء باللفظ المفرد ، للخفة.
أما ما يكون فى الجسد منه أكثر من واحد ؛ كاليد ، والرجل ؛ فإنك إذا ضممته إلى مثله لم يكن فيه إلا التثنية ؛ نحو : ما أكرم يديكما ، وما أسرع رجليكما. أما قوله تعالى : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ...) فإنه جمع ؛ لأن المراد الأيمان : (جمع يمين ، أى : اليد اليمنى) (٢).
وأما ما يتصل بالجسم وينفصل عنه من نحو : ثوب ، وغلام فلا يجوز
__________________
(١) راجع ماله اتصال بهذا فى رقم ١ من هامش ص ١١٠
(٢) هل المراد أن اليمنى واحدة فإذا انضمت إلى مثلها جاز الجمع؟ إن كان هذا التعليل صحيحا فهو منطبق على جميع الأعضاء الزوجية فى الجسم فكيف تجب التثنية؟ إلا أن يقال إن اليمنى أشهر فى اليد اليمنى حتى تكاد تختص بهذا الوصف وتصير بمنزلة شىء واحد.