حارسا الحقل وأقبل زارعا الحديقة ـ فإن علامة التثنية (وهى الألف) تحذف نطقا ، لا خطّا. ويرجح النحاة فى إعرابه أن يقال : إنه مرفوع بألف مقدرة ...
وكذلك الشأن فى جمع المذكر ؛ فإنه إذا أضيف حذفت نونه للإضافة ؛ فإن كانت إضافته إلى كلمة أولها ساكن حذفت واوه رفعا ، وياؤه نصبا ، وجرّا ؛ فى النطق ، لا فى الكتابة ؛ تقول : جاء عالمو المدينة ، وكرمت عالمى المدينة ، وسعيت إلى عالمى المدينة (١).
لكن ما إعرابه؟ أيكون مرفوعا بالواو الظاهرة فى الكتابة ، أم بالواو المقدرة المحذوفة فى النطق لالتقاء الساكنين ؛ فهى محذوفة لعلة ، فكأنها موجودة؟
وكذلك فى حالة النصب والجر ؛ أيكون منصوبا ومجرورا بالياء المذكورة أم المقدرة؟ يرتضى النحاة أنه معرب فى جميع حالاته بالحرف المقدر ؛ لأنهم هنا يقدمون النطق على الكتابة ، ويعدون هذه الحالة كحالة المثنى فى أنها من مواضع الإعراب التقديرى (٢) ، لا الإعراب اللفظى.
ونقول هنا ما سبق أن قلناه فى المثنى : وهو أنه لا داعى اليوم للأخذ بهذا الرأى ، ولن يترتب على إهماله ضرر ؛ لأن الخلاف شكلى لا قيمة له. ولكن الإعراب التقديرى هنا لا يخلو من تكلف ، وقد يؤدى إلى اللبس.
كذلك تقدر الواو رفعا ـ فقط ـ فى جمع المذكر السالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم ؛ نحو : جاء صاحبىّ. وأصلها : صاحبون لى ؛ حذفت اللام للتخفيف ، والنون للإضافة ؛ فصارت الكلمة صاحبوى. اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء ؛ فصارت الكلمة : صاحبىّ ، ثم حركت الباء بالكسرة ؛ لتناسب الياء ؛ فصارت الكلمة : صاحبىّ. ومثلها جاء خادمىّ ومساعدىّ ، إذ يرتضى النحاة فى إعرابها : «خادمىّ» ، فاعل مرفوع بالواو المقدرة المنقلبة ياء المدغمة فى ياء المتكلم. و «خادم» مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ؛ مبنية على الفتح فى محل جر. وكذلك الباقى وما أشبهه.
ويقول فريق آخر : إن إعراب كلمة : «صاحبىّ» وأشباهها هو إعراب
__________________
(١) يشترط لصحة هذا الحذف ألا يكون جمع المذكر مقصورا كما سيجىء البيان فى رقم ٣ من ص ١٨٤.
(٢) بيانه فى ص ٦٩ و ٨٠ وستذكر مواضعه مفصلة فى ص ١٧٨.