رابعها : كلمات مسموعة لم تستوف بعض الشروط الأخرى الخاصة بجمع المذكر ؛ فألحقوها به ، ولم يعتبروها جمعا حقيقيّا. ومن هذه الكلمات ، «أهل». فقد قالوا فيها : أهلون. مثل :
وما المال والأهلون إلا ودائع |
|
ولا بد يوما أن ترد الودائع |
فجمعوها مع أنها ليست علما ولا صفة. ومنها : «عالمون» ؛ ليست علما ، ولا صفة أيضا. وقد تكلمنا عنها من وجهة أخرى فيما سبق. ومنها : «وابل» ؛ بمعنى : مطر غزير. يقال : غمر الوابلون الحقول. فجمعوها ، مع أنها ليست علما ولا صفة ، ولا تدل على عاقل ...
خامسها : كلمات من هذا الجمع المستوفى للشروط ، أو مما ألحق به ، ولكن سمى بها (١) ، وصارت أعلاما. فمن أمثلة الأول المستوفى للشروط «حمدون». «وعبدون». و «خلدون» و «زيدون» أعلام أشخاص معروفة قديما وحديثا.
__________________
د ـ يد ، ودم. أصلهما : «يدى». و «دمى» ؛ حذفت اللام ، ولم يعوض عنها شىء وشذ. أبون وأخون ، لأن مفردهما واوى اللام. وقد حذفت الواو التى هى لام الكلمة بغير رد ، ولا تعويض. أما الواو الموجودة فقيل : هى الواو التى ترفع بها الأسماء الستة فى لغة من يرفعها بالواو مع حذف لامها وهى لغة «النقص» التى شرحناها ـ فى ص ١٠٢ و ١٠٤ ـ فيستعمل اللفظ فى حالة جمعه ناقصا كما كان فى حالة إفراده وعدم إضافته. ومثل أب وأخ بقية الأسماء الستة على الرأى القائل بأنها وردت عن العرب مجموعة جمع مذكر ؛ أى : هنون ، وحمون ، وذوون ، وفون ... ولا يمنع النحاة أن تكون الواو الأصلية التى هى لام الكلمة قد رجعت عند الجمع ثم حذفت. فأصل الكلمة عند الجمع كما يقولون : «أبوون» ثم حركت الباء بالضمة إتباعا للواو ـ كما يحصل أحيانا كالإتباع فى المفرد المضاف ، نحو : أبى ـ بعد حذف فتحة الباء. ثم حذفت ضمة اللام ، لثقلها ، وطلبا للتخفيف بحذفها ، فالتقى ساكنان ؛ الواو الأصلية وواو الأسماء الستة ؛ فحذفت الواو الأصلية التى هى لام الكلمة ؛ فأنها رجعت ثم حذفت كما يتخيلون. وهذه الصور الخيالية لا أثر لها فى ضبط الكلمة وصحة المعنى. فالواجب الانصراف عنها وإهمالها ؛ لما فيها من تكلف واضح لا داعى له ... وللحكم السابق بعض تشابه بما سبق فى رقم ١ من هامش ص ١٢٤. ه ـ شاة ، وشفة ؛ لأن لكل واحدة منهما جمع تكسير مسموعا عن العرب ، ومعربا بالحركات ؛ يقال : فى الحقل شياه كثيرة ، وللإبل شفاه غليظة. (وأصل شاه : شوه ؛ حركت الواو بالفتح للتخفيف ـ كما يقولون ـ فقلبت ألفا ؛ فصارت : شاه ، ثم حذفت الهاء وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة فصارت : شاة.
وأصل شفة هو : «شفه» حذفت الهاء ، وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة).
(١) تصح التسمية بجمع المذكر السالم وغيره من الجموع الأخرى للداعى البلاغى الذى قصده العرب فى جاهليتهم وإسلامهم من التسمية بتلك الجموع وبالمثنى ـ كما سبق فى «ح» من ص ١١٦ ـ ، ومن أهم الدواعى المدح ، والذم ، والتمليح ... ومما يؤيد هذا مجىء واو الجماعة فى مخاطبة المولى جل شأنه كالتى فى قوله تعالى حكاية لما يقوله يوم القيامة المعاند الجاحد فضل ربه : «رب ارجعون ؛ لعلى أعمل صالحا فيما تركت» كما يؤيده أن الضمير «نحن» موضوع للمتكلم الذى معه غيره ، أو للمتكلم وحده إذا أراد تعظيم نفسه.
أما طريقة إعراب المسمى به ففى ص ١٣٩.