(وَمِنْ خُطْبَةٍ
لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ)
مُسْتَقَرُّهُ
خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ ، وَمَنْبِتُهُ أَشْرَفُ مَنْبِتٍ ، فِى مَعٰادِنِ
الْكَرٰامَةِ ، وَمَمٰاهِدِ السَّلٰامَةِ ، قَدْ صُرِفَتْ
نَحْوَهُ أَفْئِدَةُ الْأَبْرٰارِ ، وَثُنِيَتْ إِلَيْهِ أَزِمَّةُ
الْأَبْصٰارِ. دَفَنَ اللهُ بِهِ الضَّغٰائِنَ ، وَأَطْفَأَ بِهِ
الثَّوٰائِرَ. أَلَّفَ بِهِ إِخْوٰنًا ، وَفَرَّقَ بِهِ
أَقْرٰانًا ، أَعَزَّ بِهِ الذِّلَّةَ ، وَأَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ.
كَلٰامُهُ بَيٰانٌ ، وَصَمْتُهُ لِسٰانٌ.
قوله عليهالسلام
: «مُسْتَقَرُّهُ
خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ ، وَمَنْبِتُهُ أَشْرَفُ مَنْبِتٍ»
الظاهر أنّ المراد من المستقر والمنبت : الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة.
أو أن يكون المراد من الأوّل : المدينة
المنورّة ، وقد سماّها النبيّ صلىاللهعليهوآله
الطيّبة كما جاء في الخبر ، وأنّها تنفي الخبث كما تنفي النّار خبث الفضّة .
ومن الثاني مكة المكّرمة لكونها أمّ
القرى ، ومقصد خلق الله ، ومحل كعبته ، وقد قال الله تعالى : «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ
آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا»
.
قوله عليهالسلام
: «فِى
مَعٰادِنِ الْكَرٰامَةِ»
وهي جمع معدن ، والمراد منه أي الرّسالة ، أو ما هو أعمّ منها ومن غيرها.
قوله عليهالسلام
: «وَمَمٰاهِدِ
السَّلٰامَةِ» والمماهد ، جمع
ممهد كمقعد اسم مكان : ما يُمْهد ، أي يبسط فيه الفراش ونحوه المتّصفة بالخلوّ من
الأدناس والأرجاس والبراءة من العيوب الظاهرة والباطنة.
قال إبن ميثم البحراني : وهي كناية من
مكّة والمدينة وما حولها ، فإنّها
__________________