(وَمِنْ خُطْبَةٍ
لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ)
إِبْتَعَثَهُ
بِالنُّورِ الْمُضِىءِ ، وَالْبُرْهٰانِ الْجَلِىَّ ، وَالْمِنْهٰاجِ
الْبٰادِى ، وَالْكِتٰابِ الْهٰادِى. أُسْرَتُهُ خَيْرُ
أُسْرَةٍ ، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَةٍ. أَغصٰانُهٰا مُعْتَدِلَةٌ ،
وَثِمٰارُهٰا مُتَهَدِّلَةٌ. مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ ، وَهِجْرَتُهُ
بِطَيْبَةَ. عَلٰا بِهٰا ذِكْرُهُ ، وَامْتَدَّ مِنْهٰا
صَوْتُهُ. أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كٰافِيَةٍ ، وَمَوْعِظَةٍ شٰافِيَةٍ ،
وَدَعْوَةٍ مُتَلٰافِيَةٍ. أَظْهَرَ بِهِ الشَّرٰائِعَ الْمَجْهُولَةَ
، وَقَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ ، وَبَيَّنَ بِهِ الْأَحْكٰامَ
الْمَفْصُولَةَ. فَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلٰامِ دِينًا تَتَحَقَّقْ
شِقْوَتُهُ ، وَتَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ ، وَتَعْظُمْ كَبْوَتُهُ ، وَيَكُنْ
مَاٰبُهُ إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ ، وَالْعَذٰابِ الْوَبِيلِ.
قوله عليهالسلام
: «إِبْتَعَثَهُ
بِالنُّورِ الْمُضِىءِ» أي نور النبوّة ، أوالقرآن
كما يشهد عليه قوله تعالى : «فَالَّذِينَ
آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ
مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»
.
قوله عليهالسلام
: «وَالْبُرْهٰانِ
الْجَلِىَّ» أي المعجزات
الباهرات ، والآيات الواضحات الدّالة على نبوته ، قال الله عزّوجلّ : «قَدْ جَاءَكُم
بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا»
.
قوله عليهالسلام
: «وَالْمِنْهٰاجِ
الْبٰادِى» أي الطريق والمسلك
الواضح الظاهر وهو شريعته ودينه الواضح ، قال الله : «قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»
.
قوله عليهالسلام
: «وَالْكِتٰابِ
الْهٰادِى» أي القرآن الذي
يهدي إلى التقوى وطريق الجنّة ، قال الله تعالى : «ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ
فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ»
وقال : «يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا
__________________