في حال من الأحوال ولو اشتدّت الحاجة إليها ، وسلمت الفرس والسيف.
قال : فأنا قاعد في مجلسي بالذي أبرم الامور وأوفي القصص وآمر وأنهى ؛ إذ دخل أبو الحسن الأسدي وكان يتعاهدني الوقت بعد الوقت وكنت أقضي حوائجه ، فلمّا طال جلوسه وعليه بؤس كثير قلت له : ما حاجتك؟ قال : أحتاج منك إلى خلوة فأمرت الخازن أن يهيّئ لنا مكانا من الخزانة ، فدخلنا الخزانة فأخرج إليّ رقعة صغيرة من مولانا فيها : يا أحمد بن الحسن الألف دينار التي عندك ثمن الفرس والسيف سلّمها إلى أبي الحسن الأسدي. قال :فخررت لله ساجدا شكرا لما منّ به علي ، وعرفت أنّه حجّة الله حقّا ، لأنّه لم يكن وقف على هذا أحد غيري ، فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار اخرى سرورا بما منّ الله عليّ بهذا الأمر (١).
المعجزة السادسة : في البحار عن محمد بن أحمد الصفواني قال : رأيت القاسم بن العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة سنة ، منها ثمانون سنة صحيح العينين ، لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمد العسكريين وحجب بعد الثمانين وردت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام ؛ وذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة ألوان من أرض أذربايجان وكان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري ، وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدّس الله أرواحهما ، فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فقلق رحمهالله لذلك ، فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البوّاب مستبشرا فقال له : فيج العراق لا يسمّي بغيره ، فاستبشر القاسم وحوّل وجهه إلى القبلة فسجد ، ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه ، وعليه جبّة مضربة وفي رجله نعل محاملي وعلى كتفه مخلاة ، فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه ودعا بطست وماء فغسل يده وأجلسه إلى جانبه ، فأكلنا وغسلنا أيدينا ، فقام الرجل فأخرج كتابا أفضل من نصف المدرج ، فناوله القاسم فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له يقال له ابن أبي سلمة ، فأخذه أبو عبد الله ففضّه وقرأه حتّى أحسّ القاسم بنكاية فقال : يا أبا عبد الله بخير؟ فقال : خير ، فقال : ويحك خرج فيّ شيء؟
فقال أبو عبد الله : ما تكره فلا.
قال القاسم : فما هو؟ قال : نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما وقد
__________________
(١) بطوله في محاسن البرقي : ١ / ٣٩ ، وبحار الأنوار : ٥١ / ٣٠٠ ح ١٩.