أشباههما من الناكثين. قال : ثمّ قام مولانا الحسن بن علي الهادي عليهالسلام إلى الصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا. فقلت : ما أبطأك وأبكاك؟ قال : قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره. فقلت : لا عليك فأخبره ، فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسما وهو يصلّي على محمّد وآل محمّد ، فقلت : ما الخبر؟ قال : وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا عليهالسلام يصلّي عليه. قال سعد : فحمدنا الله جل ذكره على ذلك ، وجعلنا نختلف بعد ذلك إلى منزل مولانا أيّاما فلا نرى الغلام بين يديه فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال : يا ابن رسول الله قد دنت الرحلة واشتدّت المحنة ونحن نسأل الله أن يصلّي على المصطفى جدّك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيّدة النساء أمّك وعلى سيدي شباب أهل الجنّة عمّك وأبيك وعلى الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلّي عليك وعلى ولدك ، ونرغب إلى الله أن يعلّي كعبك ويكبت عدوّك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال : فلمّا قال هذه الكلمة استعبر مولانا حتّى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ثمّ قال : يا بن إسحاق لا تكلّف في دعائك شططا فإنّك ملاقي الله في سفرك هذا ، فخرّ أحمد مغشيا عليه فلمّا أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة جدّك إلّا شرّفتني بخرقة أجعلها كفنا ، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال عليهالسلام : خذها ولا تنفق على نفسك غيرها فإنك لن تعدم ما سألت ، وإنّ الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا.
قال سعد : فلمّا صرنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حمّ أحمد بن إسحاق وصارت عليه علّة صعبة آيس من حياته فيها ، فلمّا وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها ، ثمّ قال : تفرّقوا عنّي هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه ورجع كلّ واحد منّا إلى مرقده. قال سعد : فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم ، خادم مولانا أبي محمّد عليهالسلام وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاكم ، وجبر بالمحبوب رزيتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم وتكفينه فقوموا لدفنه فإنّه من أكرمكم محلّا عند سيّدكم ، ثمّ غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والنحيب والعويل حتّى قضينا حقّه وفرغنا من أمره