وانما استثقلوا صرف هذا لأنه ليس أصل بناء الأسماء يدلّك على هذا قلّته في كلامهم في الشيء الذي يلزم كلّ من كان من أمّته ما لزمه فلمّا لم يكن هذا البناء أصلا ولا متمكنا كرهوا أن يجعلوه بمنزلة المتمكّن الجاري على الأصل فتركوا صرفه كما تركوا صرف الأعجمي وهو مصروف في النكرة كما تركوا صرف إسمعيل وإبراهيم لأنهما لم يجيئا على مثال ما لا يصرف في النكرة كاحمر ، وليس بمثال يخرج اليه الواحد للجميع نحو مساجد ومفاتيح وليس بزيادة لحقت لمعنى كألف حبلى ، وانما هي كلمة كهاء التأنيث فثقلت في المعرفة اذ لم يكن أصل بناء الواحد لأن المعرفة أثقل من النكرة كما تركوا صرف الهاء في المعرفة وصرفوها في النكرة لما ذكرت لك ، انما معد يكرب واحد كطلحة وإنما بني ليلحق بالواحد الأوّل المتمكّن فثقل في المعرفة لما ذكرت لك ولم يحتمل ترك الصرف في النكرة ، وأمّا خمسة عشر وأخواتها وحادى عشر وأخواتها فهما شيئان جعلا شيئا واحدا وانما أصل خمسة عشر خمسة وعشرة ولكتهم جعلوه بمنزلة حرف واحد ، وأصل حادى عشر أن يكون مضافا كثالث ثلاثة فلمّا خولف به عن حال أخواته مما يكون للعدد خولف به وجعل كأولاء اذ كان موافقا له في أنه مبهم يقع على كلّ شيء ، فلمّا اجتمع فيه هذان أجرى مجراه وجعل كغير المتمكّن والنون لا تدخله كما تدخل غاق لأنها مخالفة لها ولضربها في البناء فلم يكونوا لينوّنوا لأنها زائدة ضمّت الى الأوّل فلم يجمعوا عليه هذا أو التنوين ، ونحو هذا في كلامهم حيص بيص مفتوحة لأنها ليست متمكّنة قال أمية بن أبي عائذ : [كامل]
(٦٤) ـ قد كنت خرّاجا ولوجا صيرفا |
|
لم تلتحصنى حيص بيص لحاص |
واعلم أن العرب تدع خمسة عشر في الاضافة والألف واللام على حال واحدة كما تقول
__________________
(٦٤) الشاهد في قوله حيص بيص وبنائه على الفتح لما تضمن من معنى الكناية عن الداهية والشدة ، واشتقاق حيص من حاص يحيص اذا عدل عن الشيء وجار ، وبيص من باص يبوص اذا تقدم وفات وأتبع لفظ حيص فقلبت واوه ياء ولحاص اسم للداهية أيضا معدول عن لا حصة كما كانت حلاق معدولة عن حالقة ، ومعنى تلتحصنى تنشبنى ، والخراج الولاج الحسن التصرف في الامور المتخلص منها وكذلك الصيرف.