فلو أسكن في هذه الأشياء لانكسر الشعر ولكنا سمعناهم يخفون ، ولو قال انى ما قد كلّفتني فأسكن الباء وأدغمها في الميم في الكلام لجاز لحرف المدّ فأما اللهامم فانه لا يجوز فيها الاسكان ولا في القرادد لأن قرددا فعلل ولهمما فعلل ولا يدغم فيكره أن يجيء جمعه على جمع ما هو مدغم واحده وليس ذلك في اني بما ، ولكنك ان شئت قلت قرادد فأخفيت كما قالوا متعفّف فخفى ولا يكون في هذا إدغام وقد ذكرنا العلّة ، وأما قول بعضهم في القراءة (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) فحرّك العين فليس على لغة من قال نعم فأسكن العين ولكنه على لغة من قال نعم فحرّك العين ، وحدّثنا أبو الخطاب أنها لغة هذيل وكسروا كما قالوا لعب ، وقال طرفه : [رمل]
ما أقلّت قدم ناعلها |
|
نعم الساعون في الحىّ الشّطر |
وأما قوله عزوجل (فَلا تَتَناجَوْا) فان شئت أسكنت الأول للمدّ ، وان شئت أخفيت وكان بزنته متحركا ، وزعموا أن أهل مكة لا يبينون التاءين ، وتقول هذا ثوب بكر البيان في هذا أحسن منه في الألف لأن حركة ما قبله ليس منه فيكون بمنزلة الألف ، وكذلك هذا جيب بكر ، ألا ترى أنك تقول أخشووّا قدا فتدغم واخشى يّاسرا فتدغم وتجريه مجرى غير الواو والياء ، ولا يجوز في القوافي المحذوفة وذلك أن كلّ شعر حذفت من أتم بنائه حرفا متحركا أو زنة حرف متحرك فلا بدّ فيه من حرف لين للرّدف نحو : [طويل]
(٣١٧) ـ وما كلّ ذي لبّ بمؤتيك نصحه |
|
وما كلّ مؤت نصحه بلبيب |
__________________
(٣١٧) الشاهد فيه وقوع الياء ساكنة وقبلها كسرة لما فيها من المد موقع الحرف المتحرك في اقامة الوزن ولذلك لزمت هذه الياء حرف الروي وكانت ردفا له لا يجوز في موضعها الا الواو اذ كانت في المد بمنزلتها والمعنى أن الانسان قد ينصح من يستغشه فينبغي للعاقل اللبيب أن يرتاد موضعا مستحقا للنصيحة.