نقلته الى شىء هو منه أبعد ، وكذلك كلّ فعال اذا كانت معدولة عن غير افعل إذا ، جعلتها اسما لأنك اذا جعلتها علما فأنت لا تريد ذلك المعنى وذلك نحو حلاق التي هي معدولة عن الحالقة وفجار التي هي معدولة عن الفجرة وما أشبه هذا ، ألا ترى أن بني تميم يقولون هذه قطام وهذه حذام لأن هذه معدولة عن حاذمة وقطام معدولة عن قاطمة أو قطمة ، وإنما كلّ واحدة منهما معدولة عن الاسم الذي هو علم ليس عن صفة كما أن عمر معدول عن عامر علما لا صفة ، لولا ذلك لقلت هذا العمر تريد العامر ، وأمّا أهل الحجاز فلمّا رأوه اسما لمؤنّث ورأوا ذلك البناء على حاله لم يغيّروه لأن البناء واحد وهو هيهنا اسم للمؤنّث كما كان ثمّ اسما للمؤنّث وهو هيهنا معرفة كما كان ثمّ ، ومن كلامهم أن يشبهوا الشيء بالشيء وان لم يكن مثله في جميع الأشياء ، وسترى ذلك إن شاء الله ومنه ما قد مضى ، فأمّا ما كان آخره راء فإن أهل الحجاز وبني تميم فيه متّفقون ويختار بنو تميم فيه لغة أهل الحجاز كما اتّفقوا في يرى ، والحجازيّة هي اللغة الأولى القدمى فزعم الخليل أن إجناح الألف أخفّ عليهم يعني الإمالة ليكون العمل من وجه واحد فكرهوا ترك الخفّة وعلموا أنهم إن كسروا الراء وصلوا الى ذلك وأنهم ان رفعوا لم يصلوا ، وقد يجوز أن ترفع وتنصب ما كان في آخره الراء ، قال الأعشى : [بسيط]
(٥٤) ـ ومرّ دهر على وبار |
|
فهلكت جهرة وبار |
والقوافي مرفوعة فمّما جاء وآخره راء سفار وهو اسم ماء ، وحضار وهو اسم كوكب ولكنهما مؤنّثان كماويّة والشّعرى كأن تلك اسم الماءة وهذه اسم الكوكبة وممّا يدلّك على أن فعال مؤنّثة قوله دعيت نزال ولم يقل دعى نزال ، وأنهم
__________________
(٥٤) الشاهد فيه اعراب وبارو رفعها والمطرد فيما كان في آخره الراء أن يبني على الكسر في لغة أهل الحجاز ولغة بني تميم لان كسرة الراء توجب امالة الالف ، والارتفاع اذا رفعوا لأن الشاعر اذا اضطر أجرى ما كان في آخره الراء على قياس غيره مما يبني على فعال ، وأعرب في لغة بني تميم فاضطر الاعشى فرفع لان القوافي مرفوعة وقبل البيت.
ألم تروا إرما وعادا |
|
أودى بها الليل والنهار |
ووبار اسم أمة قديمة من العرب العاربة هلكت وانقطعت كهلاك عاد وثمود.