فالحدّ في جميع هذا افعل ولكنه معدول عن حدّه ، وحرّك آخره لأنه لا يكون بعد الألف ساكن وحرّك بالكسر لأن الكسر مما يؤنّث به تقول إنّك ذاهبة وتقول هاتي هذا للجارية وتقول هذى أمة الله واضربي اذا أردت المؤنّث ، وانما الكسرة من الياء ومما جاء من الوصف منادى وغير منادى يا خباث ويا لكاع ، فهذا اسم للخبيثة وللّكعاء ومثل ذلك قول الشاعر (وهو النابغة الجعدي) : [طويل]
(٤٦) ـ فقلت لها عيثي جعار وجرّري |
|
بلحم امرىء لم يشهد اليوم ناصره |
وانما هو اسم للجاعرة وانما يريد بذلك الضّبع ، ويقال لها قثام لانها تقثم أي تقطع وقال الشاعر : [كامل]
(٤٧) ـ لحقت حلاق بهم على أكسائهم |
|
ضرب الرّقاب ولا يهمّ المغنم |
فحلاق معدول عن الحالقة وانما يريد بذلك المنيّة لأنها تحلق ، وقال الشاعر [وهو مهلهل] :
(٤٨) ـ ما أرجّي بالعيش بعد ندامى |
|
قد أراهم سقوا بكأس حلاق |
فهذا كلّه معدول عن وجهه وأصله فجعلوا آخره كآخر ما كان للفعل لأنه معدول عن أصله كما عدل نظار وحذار وأشباههما عن حدّهن وكلّهن مؤنّث فجعلوا بابهن واحدا ، فان قلت ما بال فسق ونحوه لا يكون جزما كما كان هذا مكسورا فانما ذلك لانه لم يقع في موضع الفعل ، فيصير بمنزلة صه ومه ونحوهما فيشبّه هاهنا به في ذلك الموضع وانما كسروا فعال هاهنا لأنهم شبّهوها بها في الفعل ، وممّا جاء اسما للمصدر قول
__________________
(٤٦) الشاهد في قوله جعار وهو اسم للضبع معدول عن الجاعرة وسميت بذلك لانها تجعر وكسر للعلة التي تقدمت من أن المؤنث يخص بالكسر ، ومعنى عيثى أفسدي وغيرى والعيث أشد الفساد وهو يضرب مثلا لمن ظفر به عدوه ولم يكن يطمع فيه قبل.
(٤٧) الشاهد في قوله حلاق وهو اسم للمنية معدول عن الحالقة وسميت بذلك لانها تحلق وتستأصل ، وقوله على أكسائهم أي على أدبارهم واحدها كسء ونصب ضرب الرقاب لأنه وضعه موضع الفعل.
(٤٨) الشاهد في قوله حلاق ، وعلته كعلة الذي قبله يقول هذا في يوم كان عليه من أيام حرب البسوس قتل فيه أصحابه وأجلته الحرب وغربته.