وهي في الظروف بمنزلة ما ومن في الأسماء فنظيرهن من الأسماء غير الظروف مذكّر والظروف قد تبيّن لنا أنّ أكثرها مذكّر حيث حقّرت فهي على الأكثر وعلى نظائرها وكذلك إذ هي كالحين وبمنزلة ما هو جوابه وذلك متى ، وكذلك ثمّ وهنا هما بمنزلة أين وكذلك حيث وجواب أين كخلف ونحوها ، وأمّا أمام فكلّ العرب تذكّره ، أخبرنا بذلك يونس ، وأمّا إذا ولدن فكعند ومثلهن عن فيمن قال من عن يمينه ، وكذلك منذ في لغة من رفع لأنها كحيث ، ولو لم تجد في هذا الباب ما يؤكد التذكير لكان أن تحمله على التذكير أولى حتى يتبين لك أنه مؤنث.
وأما الأسماء غير الظروف فنحو بعض وكلّ وأيّ وحسب ألا ترى أنك تقول أصبت حسبي من الماء ، وقط كحسب ، وان لم تقع في جميع مواقعها ، ولو لم تكن اسما لم تقل قطك درهمان فيكون مبنيا عليه ، كما أنّ على بمنزلة فوق وإن خالفتها في أكثر المواضع ، سمعنا من العرب من يقول نهضت من عليه ، كما تقول نهضت من فوقه.
واعلم أنهم انما قالوا حسبك درهم وقطك درهم فأعربوا حسبك لأنها أشدّ تمكنّا ألا ترى أنها تدخل عليها حروف الجرّ تقول بحسبك ، وتقول مررت برجل حسبك فتصف به وقط لا تمكّن هذا التمكن.
واعلم أن جميع ما ذكرنا لا ينصرف منه شيء اذا كان اسما للكلمة وينصرف جميع ما ذكرنا في المذكّر الّا أن وراء وقدّام لا ينصرفان لأنهما مؤنّثان وأمّا ثمّ وأين وحيث ونحوهن اذا صيّرن اسما لرجل أو امرأة أو حرف أو كلمة فلا بدّ لهن من أن يتغيّرن عن حالهن ويصرن بمنزلة زيد وعمرو لأنك وضعتهن بذلك الموضع كما تغيّرت ليت وإنّ فان اردت حكاية هذه الحروف تركتها على حالها كما قال إنّ الله ينهاكم عن قيل وقال ، ومنهم من يقول عن قيل وقال لمّا جعله اسما ، قال ابن مقبل : [رمل]
(٤٠) ـ أصبح الدهر وقد ألوى بهم |
|
غير تقوالك من قيل وقال |
__________________
(٤٠) الشاهد في إعراب قيل وقال وجرهما حملا على معنى تسمية الحرف ولو أمكنه أن لا يصرفهما حملا على معنى الكلمة واللفظة لجاز ولذلك لو أمكنه أن يحكيهما على حالهما قبل ـ