بيّن فيما مضى بقول الخليل ، وأمّا عن فاسم اذا قلت من عن يمينك لأنّ من لا تعمل الّا في الأسماء ، وعل معناها الاتيان من فوق ، قال امرؤ القيس :
(٢٨٦) ـ كجلمود صخر حطّه السّيل من عل
وقال جرير :
(٢٨٧) ـ حتّى اختطفتك يا فرزدق من عل
واذ وهي لما مضى من الدهر وهي ظرف بمنزلة مع ، وأمّا ما هو في موضع الفعل فقولك مه وصه ، وحل للناقة ، وسأ للحمار ، وما مثل ذلك في الكلام على نحوه في الأسماء الّا أنّا تركنا ذكره لأنه انّما هو امر ونهى يعنى هلمّ وايه ولا يختلف اختلاف الأسماء في المعانى.
واعلم أن بعض العرب يقول : م الله لأفعلنّ يريد أيم الله فحذف حتّى صيّرها على حرف حيث لم يكن متمكّنا يتكلّم به فجاء على حرف حيث ضارع ما جاء على حرف كما كثرت الأسماء في الحرفين حيث ضارعت ما قبلها من غير الأسماء.
وأمّا ما جاء على ثلاثة أحرف فهو أكثر الكلام في كلّ شىء من الاسماء والأفعال وغيرهما مزيدا فيه وغير مزيد فيه وذلك لأنه كأنّه هو الأوّل فمن ثمّ تمكّن في الكلام ، ثمّ ما كان على أربعة أحرف بعده ، ثمّ بنات الخمسة وهي أقلّ لا تكون في الفعل البتّة ولا يكسّر بتمامه للجمع لأنّها الغاية في الكثرة فاستثقل ذلك فيها فالخمسة أقصى الغاية في الكثرة فالكلام على ثلاثة أحرف وأربعة أحرف وخمسة لا زيادة فيها
__________________
(٢٨٦) يريد أن معنى عل معنى فوق وان الجر دخله لانه قدره نكرة غير مضاف الى شىء في النية ، وبقاؤه على الضم أكثر لتضمنه معنى الاضافة كقبل وبعد ، شبه حوافر فرسه واجتماع خلقه بجلمود صخر أقبل به السيل من مكان مشرف الى القرارة من الارض ثم مر عليه فصلبه ، وجاء به وصدر البيت :
مكر مفر مقبل مدبر معا |
|
كجلمود صخر حطه السيل من عل |
(٢٨٧) القول فيه كالقول في الذي قبله والمعنى أخذتك أخذ مقتدر ظاهر عليك يريد ظهوره عليه في الشعر.