يعلم ، وتكون لا نفيا لقوله يفعل ، ولم يقع الفعل فتقول لا يفعل ، وقد تغير الشيء عن حاله كما تفعل ما وذلك قولك لو لا صارت لو في معنى آخر كما صارت حين قلت لو ما تغيرت كما تغيرت حيث بما ، وإنّ بما ، ومن ذلك أيضا هلا فعلت فتصير هل مع لا في معنى آخر ، وتكون لا ضدّا لنعم وبلى ، وقد بين أحوالها أيضا في باب النفي ، وأمّا أن فتكون بمنزلة لام القسم في قوله أما والله أن لو فعلت لفعلت وقد بيّنا ذلك في موضعه وتكون توكيدا أيضا في قولك لمّا أن فعل كما كانت توكيدا في القسم وكما كانت ان مع ما ، وقد تلغى إن مع ما اذا كانت اسما وكانت حينا ، وقال الشاعر : [طويل]
(٢٨٠) ـ ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته |
|
على السّنّ خيرا لا يزال يزيد |
وأمّا كى فجواب لقوله كيمه كما يقول لمه فتقول ليفعل كذا وكذا وقد بيّن أمرها في بابها ، وأمّا بل فلترك شيء من الكلام وأخذ في غيره ، قال الشاعر حيث ترك أوّل الحديث (وهو أبو ذؤيب) :
(٢٨١) ـ بل هل أريك حمول الحيّ غادية |
|
كالنّخل زيّنها ينع وإفضاح |
__________________
(٢٨٠) الشاهد فيه زيادة ان بعد ما للتوكيد وما هيهنا مؤدية عن معنى الزمان فموضعها نصب على الظرف وأكثر ما تزاد إن بعد ما النافية لتأكيد النفي ونصب خيرا على التمييز والعامل فيه يزيد وقدمه ضرورة ، والتقدير فيه لا يزال يزيد خيره فاضمر الفاعل ونصب خيرا كما تقول طبت نفسا أي طابت نفسي ، ويجوز أن يكون مفعول بمعنى يزيد خيرا الى خيره فلا يكون فيه ضرورة ، والمعنى رجه للخير ما رأيته يزيد خيره بزيادة سنه ويكف عن صباه وجهله.
(٢٨١) أراد ان بل تكون للاضراب عن حديث وأخذ في حديث آخر وان لم يكن مبطلا للأول ولا شاكا فيه وانما هذا كقول الشاعر اذا أخذ في المدح بعد التغزل والوصف فقال دع ذا ونحوه فكذلك ترك أول الكلام وأضرب عنه ببل ليأخذ في غيره مما هو عنده أهم منه وان لم يكن مبطلا لذلك ولا شاكا فيه ، والحمول الرواحل بما عليها من الهوادج واحدها حمل ، والينع ادراك النخل ، والافضاح أن تبدو الحمرة أو الصفرة في البسر يقال أفضح النخل اذا صار كذلك فشبه ما يكون على الهوادج من الزينة باختلاف ألوان النخل عند ادراكه وافضاحه.