وقال في المكان هذا موقّانا ، وقال رؤبة :
* إنّ الموقّي مثل ما وقّيت*
يريد التّوقية ، وكذلك هذه الأشياء ، وأمّا قوله دعه الى ميسوره ودع معسوره فانما يجيء هذا على المفعول كأنه قال دعه الى أمر يوسر فيه او يعسر فيه ، وكذلك المرفوع والموضوع كأنه يقول له ما يرفعه وله ما يضعه ، وكذلك المعقول كأنه قال عقل له شيء أي حبس له لبّه وشدّد ويستغنى بهذا عن المفعل الذي يكون مصدرا لان في هذا دليلا عليه.
[باب ما لا يجوز فيه ما أفعله]
وذلك ما كان أفعل وكان لونا أو خلقة ، ألا ترى أنك لا تقول ما أحمره ولا ما أبيضه ولا تقول في الأعرج ما أعرجه ولا في الأعشى ما أعشاه انما تقول ما أشدّ حمرته وما أشدّ عشاه ، وما لم يكن فيه ما أفعله لم يكن فيه أفعل به رجلا ولا هو أفعل منه لأنك تريد أن ترفعه من غاية دونه كما أنك اذا قلت ما أفعله فأنت تريد أن ترفعه عن الغاية الدّنيا والمعنى في أفعل به وما أفعله واحد وكذلك أفعل منه ، وانما دعاهم الى ذلك أن هذا البناء داخل في الفعل ، ألا ترى قلّته في الأسماء وكثرته في الصفة لمضارعتها الفعل فلمّا كان مضارعا للفعل موافقا له في البناء كره فيه ما لا يكون في فعله أبدا ، وزعم الخليل أنهم انما منعهم من أن يقولوا في هذه ما أفعله لأن هذا صار عندهم بمنزلة اليد والرّجل وما ليس فيه فعل من هذا النحو ، ألا ترى أنك لا تقول ما أيداه ولا ما أرجله انما تقول ما أشدّ يده وما أشدّ رجله ونحو ذلك ، ولا تكون هذه الأشياء في مفعال ولا فعول كما تقول رجل ضروب ورجل محسان لأن هذا في معنى ما أحسنه انما تريد أن تبالغ ولا تريد أن تجعله بمنزلة كلّ من وقع عليه ضارب وحسن ، وأمّا قولهم في الأحمق ما أحمقه وفي الأرعن ما أرعنه ، وفي الأنوك ما أنوكه وفي الألدّ ما ألدّه فانما هذا عندهم من العلم ونقصان العقل والفطنة فصارت ما ألدّه بمنزلة ما أمرسه وما أعلمه وصارت ما أحمقه بمنزلة ما أبلده وما أشجعه وما أجنّه لأن هذا ليس