لأن المصدر مفعول والمكان مفعول فيه فيضمّون أوله كما يضمون المفعول لانه قد خرج من بنات الثلاثة فيفعل بأوّله ما يفعل بأوّل مفعوله كما أن أوّل ما ذكرت لك من بنات الثلاثة كأول مفعوله مفتوح وانما منعك أن تجعل قبل آخر حرف من مفعوله واوا كواو مضروب أن ذلك ليس من كلامهم ولا مما بنوا عليه يقولون للمكان هذا مخرجنا ومدخلنا ومصبحنا وممسانا وكذلك اذا اردت المصدر ، قال أميّة بن أبي الصّلت :
(٢٢٦) ـ الحمد لله ممسانا ومصبحنا |
|
بالخير صبّحنا ربي ومسّانا |
ويقولون للمكان هذا متحاملنا ، ويقولون ما فيه متحامل أي ما فيه تحامل ، ويقولون مقاتلنا وكذلك تقول اذا أردت المقاتلة ، قال مالك بن أبي كعب أبو كعب بن مالك :
(٢٢٧) ـ أقاتل حتّى لا أرى لي مقاتلا |
|
وأنجو اذا غمّ الجبان من الكرب |
وقال زيد الخيل :
(٢٢٨) ـ أقاتل حتّى لا أرى لي مقاتلا |
|
وأنجو اذا لم ينج الا المكيّس |
__________________
(٢٢٦) الشاهد فيه قوله ممسانا ومصبحنا وهما بمعنى الامساء والاصباح كما تقول مضرب ومشتم في الضرب والشتم فالمفعل من الثلاثي المزيد كالمفعل فيما لا زيادة فيه منه ونصب الممسى والمصبح في البيت على الظرف ، وان كانا مصدرين لانه أراد وقت الصباح ووقت المساء فحذف الوقت واقام المصدر مقامه.
(٢٢٧) الشاهد في قوله مقاتلا لا يريد قتالا فبناه بناء المفعول ، كما تقدم في الذي قبله ويجوز أن يريد اسم الموضع لان المصدر والمكان يجريان على بناء واحد فيما جاوز الثلاثة وانما يختلفان في الثلاثي فيبني المصدر على مفعل بالفتح والمكان على مفعل بالكسر والمعنى أقاتل حتى لا أرى موضعا للقتال لغلبة العدو وظهوره أو لتراحم الاقران وضيق المعترك وأفر منهزما اذا لم يكن بد من ذلك وأنجو والجبان قد احاط به الكرب والجبن فلم يقدر على الفرار وطلب النجاة.
(٢٢٨) الشاهد فيه كالشاهد في الذي قبله والقول في معناه كالقول فيه والمكيس الكيس.