قبل أن يكون اسما لمعروف وقباء وحراء ليسا هكذا ، انما وقعا علما على المؤنّث والمذكّر مشتقّين وغير مشتقّين في الكلام لمؤنث من شيء والغالب عليهما التأنيث فانما هما كمذكّر اذا وقع على المؤنّث لم ينصرف وأمّا اللسان فبمنزلة اللّذاذ واللّذاذة يؤنث قوم ويذكر آخرون.
[باب أسماء القبائل والأحياء وما يضاف الى الأم والأب]
أما ما يضاف الى الآباء والأمهات فنحو قولك هذه بنو تميم وهذه بنو سلول ونحو ذلك ، فاذا قلت هذه تميم وهذه أسد وهذه سلول فانما تريد ذلك المعنى ، غير أنك اذا حذفت حذفت المضاف تخفيفا ، كما قال عزوجل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ، ويطؤهم الطريق ، وانما تريد أهل القرية وأهل الطريق ، وهذا في كلام العرب كثير فلمّا حذفت المضاف وقع على المضاف اليه ما يقع على المضاف لأنه صار في مكانه فجرى مجراه فصرفت تميما وأسدا ، لأنك لم تجعل واحدا منهما اسما للقبيلة فصارا في الانصراف على حالهما قبل أن تحذف المضاف ، ألا ترى أنك لو قلت سل واسطا كان في الانصراف على حاله اذا قلت أهل واسط فأنت لم تغيّر ذلك المعنى وذلك التأليف ، إلا أنك حذفت ، وإن شئت قلت هؤلاء تميم وأسد لأنك تقول هؤلاء بنو أسد وبنو تميم فكما أثبتّ اسم الجميع هيهنا أثبتّ هنالك اسم المؤنّث يعنى في هذه تميم وأسد ، فان قلت لم لم يقولوا هذا تميم فيكون اللفظ كلفظه اذا لم ترد معنى الاضافة حين تقول جاءته القرية تريد أهلها ، فلانهم أرادوا أن يفصلوا بين الاضافة وبين إفرادهم الرجل فكرهوا الالتباس ، ومثل هذا القوم ، هو واحد في اللفظ وصفته تجرى على المعنى لا تقول القوم ذاهب ، وقد أدخلوا التأنيث فيما هو أبعد من هذا أدخلوه فيما لا يتغيّر منه المعني لو ذكّرت ، قالوا ذهبت بعض أصابعه ، وقالوا ما جاءت حاجتك وقد بيّن أشباه هذا في موضعه وان شئت جعلت تميما وأسدا اسم قبيلة في الموضعين جميعا فلم تصرفه ، والدليل على ذلك قول الشاعر : [طويل]
(١٧) نبا الخزّ عن روح وأنكر جلده |
|
وعجّت عجيجا من جذام المطارف |
__________________
(١٧) الشاهد فيه ترك صرف جذام على معنى القبيلة ولو أمكنه تذكيره وصرفه حملا على الحى لجاز * وصف تمكن روح بن زنباع الجذامي عند السلطان ولباسه الخز ، وذكر أنه لم يكن من أهله فهو ينبو عن جلده وينكره والمطارف جمع مطرف وهو ثوب معلم الطرف