هؤلاء أهل التحقيق ، وأمّا أهل الحجاز فمنهم من يقول آ إنك وآ أنت وهي التي يختار أبو عمرو وذلك لأنهم يخفّفون الهمزة كما يخفّف بنو تميم في اجتماع الهمزتين فكرهوا التقاء الهمزة والذي هو بين بين فأدخلوا الألف كما أدخلته بنو تميم في التحقيق ، ومنهم من يقول ان بنى تميم الذين يدخلون بين الهمزة وألف الاستفهام ألفا ، وأمّا الذين لا يخفّفون الهمزة فيحقّقونهما جميعا ولا يدخلون بينهما ألفا ، وان جاءت ألف الاستفهام وليس قبلها شيء لم يكن من تحقيقها بدّ وخفّفوا الثانية على لغتهم.
وأعلم أن الهمزتين اذا التقتا في كلمة واحدة لم يكن بدّ من بدل الآخره ولا تخفّف لأنهما اذا كانتا في حرف واحد لزم التقاء الهمزتين الحرف واذا كانت الهمزتان في كلمتين فان كلّ واحدة منهما قد تجري في الكلام ولا تلزق بهمزتها همز فلمّا كانتا لا تفارقان الكلمة كانتا أثقل فأبدلوا من أحداهما ولم يجعلوهما في الاسم الواحد والكلمة الواحدة بمنزلتهما في كلمتين ، فمن ذلك قولك في فاعل من جئت جاىء أبدلت مكانها الياء لأن ما قبلها مكسورا فأبدلت مكانها الحرف الذي منه الحركة التي قبلها كما فعلت ذلك بالهمزة الساكنة حين خفّفت ، ومن ذلك أيضا آدم أبدلوا مكانها الألف لأن ما قبلها مفتوح وكذلك لو كانت متحرّكة لصيّرتها ألفا كما صيّرت همزة جاىء ياء وهي متحرّكة للكسرة التي قبلها ، وسألت الخليل عن فعلل من جئت فقال جيأى وتقديرها جيعا كما ترى ، واذا جمعت آدم قلت أوادم كما أنك اذا حقّرت قلت أويدم لأن هذه الألف لمّا كانت ثانية ساكنة وكانت زائدة لأن البدل لا يكون من أنفس الحروف فأرادوا أن يكسّروا هذا الاسم الذي قد ثبتت فيه هذه الألف صيّروا ألفه بمنزلة ألف خالد وأمّا خطايا فكأنهم قلبوا ياء أبدلت من آخر خطايا ألفا لأن ما قبل آخرها مكسور كما أبدلوا ياء مطايا ونحوها ألفا وأبدلوا مكان الهمزة التي قبل الآخر ياء وفتحت للألف كما فتحوا راء مدارى ، فرقوا بينها وبين الهمزة التي تكون من نفس الحرف أو بدلا مما هو من نفس الحرف نحو فعال من برئت اذ قلت رأيت براء وما يكون بدلا من نفس الحرف قضاء اذا قلت رأيت قضاء وهو فعال من قضيت فلما أبدلوا من الحرف الآخر ألفا استثقلوا همزة بين ألفين لقرب الألفين من الهمزة ، ألا ترى أن ناسا يحقّقون