(١٦٩) ـ أان رأت رجلا أعشى أضرّبه |
|
ريب المنون ودهر مفسد خبل |
فلو لم تكن بزنتها محقّقة لا نكسر البيت ، وأمّا أهل الحجاز فيخفّفون الهمزتين لأنه لو لم تكن الّا واحدة لخفّفت ، وتقول اقرأ آية في قول من خفّف الأولى لأن الهمزة الساكنة أبدا اذا خفّفت أبدل مكانها الحرف الذي منه حركة ما قبلها ، ومن حقّق الأولى قال اقر آية لأنك خفّفت همزة متحرّكة قبلها حرف ساكن فحذفتها وألقيت حركتها على الساكن الذي قبلها ، وأمّا أهل الحجاز فيقولون اقرا آية لأن أهل الحجاز يخفّفونهما جميعا يجعلون همزة اقرأ الفا ساكنة ويخفّفون همزة آية ، ألا ترى أن لو لم تكن إلّا همزة واحدة خفّفوها فكأنه قال اقرأ ثم جاء بآية ونحوها ، وتقول أقرى باك السّلام بلغة أهل الحجاز لأنهم يخفّفونهما فانما قلت أقرى ثم جئت بالأب فحذفت الهمزة وألقيت الحركة على الياء ، وتقول فيهما اذا خفّفت الأولى في فعل أبوك من قرأت قرا أبوك ، وان خفّفت الثانية قلت قرأ أبوك ، والمخفّفة بزنتها محقّقة ولو لا ذلك لكان هذا البيت منكسرا إن خفّفت الأولى او الآخرة * كلّ غرّاء اذا ما برزت * ومن العرب ناس يدخلون بين ألف الاستفهام وبين الهمزة ألفا اذا التقتا وذلك أنهم كرهوا التقاء همزتين ففصلوا كما قالوا اخشينانّ ففصلوا بالألف كراهية التقاء هذه الحروف المضاعفة ، قال ذو الرمّة :
(١٧٠) ـ فياظبية الوعساء بين جلاجل |
|
وبين النّقا آأنت أم أمّ سالم |
__________________
(١٦٩) الشاهد فيه تخفيف الهمزة الثانية من قوله أأن وجعلها بين بين والاستدلال بها على أن همزة بين بين في حكم المتحركة ولو لا ذلك لا نكسر البيت لأن بعد الهمزة نونا ساكنة فلو كانت الهمزة المخففة في الحكم ساكنة لالتقى ساكنان وذلك لا يكون في الشعر الا في القوافى.
(١٧٠) الشاهد فيه ادخال الألف بين الهمزتين من قوله أأنت كراهية لاجتماعها كما أدخلت بين النونات في قولهم اضربنان كراهية لاجتماعها والوعساء رملة لينة ، وجلاجل موضع بعينه ، ويروى بالحاء غير معجمة ، والنقاء الكثيب من الرمل ، وأراد شدة تقارب الشبه بين الظبية والمرأة فالاستفهام استفهام شاك مبالغة في التشبيه.