وقال : * هل تحلفن يا نعم لا تدينها*
فهذه الخفيفة ، وزعم يونس أنك تقول هلّا تقولنّ وألا تقولنّ وهذا أقرب لأنك تعرض وكأنك قلت أفعل لأنه استفهام فيه معنى العرض ، ومثل ذلك لو لا تقولنّ لأنك تعرض ، وقد بيّنا حروف الاستفهام وموافقتها الأمر والنهي في باب الجزاء وغيره ، وهذا ممّا وافقتها فيه وترك تفسيرهن هيهنا للذي فسّرنا فيما مضى ، ومن مواضعها حروف الجزاء اذا وقعت بينها وبين الفعل ما للتوكيد وذلك لأنهم شبّهوا ما باللام التي في لتفعلنّ لمّا وقع التوكيد قبل الفعل ألزموا النون آخره كما ألزموا هذه اللام وان شئت لم تقحم النون كما أنك ان شئت لم تجيء بها ، فأمّا اللام فهي لازمة في اليمين فشبّهوا ما هذه اذ جاءت توكيدا قبل الفعل بهذه اللام التي جاءت لاثبات النون فمن ذلك قولك إمّا تأتينّى آتك ، وأيّهم ما يقولنّ ذاك تجزه ، وتصديق ذلك قوله عزوجل (وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمة من ربّك) وقال عزوجل (فامّا ترينّ من البشر أحدا) ، وقد تدخل النون بغير ما في الجزاء وذلك قليل في الشعر شبّهوه بالنهي حين كان مجزوما غير واجب ، وقال الشاعر :
(١٥٩) ـ نبتّم نبات الخيزرانيّ في الثّرى |
|
حديثا متى ما يأتك الخير ينفعا |
وقال ابن الخرع :
(١٦٠) ـ فمهما تشأ منه فزارة تعطكم |
|
ومهما تشأ منه فزارة تمنعا |
__________________
(١٥٩) الشاهد في ادخال النون على ينفعن وهو جواب الشرط وليس من مواضع النون لأنه خبر يجوز فيه الصدق والكذب الا أن الشاعر اذا اضطر أكده بالنون تشبيها بالفعل في الاستفهام لأنه مستقبل مثله * هجا قوما فوصفهم بحدثان النعمة والخيزراني كل نبت ناعم وأراد بالخير المال.
(١٦٠) أراد تمنعن بالنون الخفيفة والقول فيه كالقول في الذي قبله ، وأراد مهما تشأ منعه تمنعكم فحذف لعلم السامع