وما يجب أن نصرف إليه تفكيرنا الجدّي ، ليس هو السعي إلى نسف ما وضع الأقدمون من أصول وقواعد ، فما وضعوه أرسخ من التاريخ ، وإنما هو السعي المخلص إلى تبسيط هذه القواعد ، وإدنائها من المستوفزين لتعلمها ، وتيسيرها للمراجعين وهذه هي فكرة كتابنا المعجمية.
ومن الإنصاف الاعتراف أن صاحب فكرة الترتيب المعجمي للنحو هو الأستاذ أحمد عبيد ، صاحب المكتبة العربية في دمشق ، اختزنها في صدره منذ زمن بعيد ، إلى أن رأى أنه قد آن الأوان إلى أن تضحي فكرته إلى الوجود ، فعرض عليّ أن أقوم بهذه المهمة ، فصادفت مني هوى فاستجبت له واستعنت الله على ذلك.
وواضح ماذا يراد بالترتيب المعجمي ، ونزيده إيضاحا بالنسبة إلى النحو فنقول :
ما من قاعدة أو كلمة إعرابية ، أو حرف معنى إلا وهو تابع لترتيب «ألف باء» ف «المبتدأ» تجده في حرف الميم مع الباء ، و «كان وأخواتها» في حرف الكاف مع الألف ومثل ذلك : «إن وأخواتها» و «قد» و «ولا سيّما» و «لن» وغير ذلك مما يمكن أن يخطر ببالك من قواعد أو كلمات إعرابية أو حروف عاملة أو غير عاملة.
وما نظنّ أحدا سبق إلى ترتيب النحو كله ترتيبا معجميا ، إلا أنّ بعض المؤلفين وضعوا كتبا مرتبة على الحرف لبعض الحروف وقليل من الكلمات ، وأعظم معجم وضع لحروف المعاني معجم وضعه علامة الدنيا في النحو ابن هشام ، سماه «مغني اللبيب» ، وهو معروف مشهور ، وقريب منه في موضوعه وترتيبه كتاب «الجنى الداني في حروف المعاني» للمرادي معاصر ابن هشام وقرينه.
و «معجم النحو» هذا ليس معجما لحروف المعاني وحسب ، كأمثال هذه الكتب ، ولكنه معجم لمعظم قواعد النحو وكلماته وحروفه ، بله كلمات وتعابير عربية صحيحة شهرت ووردت في كلام العرب والمؤلفين ، وخفي إعرابها ، ويصعب التماسها في كتب النحو.