المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة والسلام على النبي العربي الأمين ، وعلى آله أصحابه والتابعين.
أما بعد فإن علم النحو قد نضج ، كما يقول العلماء في تصنيف العلوم ، حتى ليظنّ أنه لم يترك الأول للآخر شيئا يقوله فيه ، فإن الخليل وسيبويه والكسائي ـ وهم من أوائل النحاة ـ بلغوا بالنحو الذّروة ، ولم يدعوا لمن بعدهم من علماء العربية إلا القليل من القواعد ، والكثير من التعليل والتفلسف ، ومع ذلك فقد صنّف بعدهم في النحو كتب كثيرة في القديم والحديث ، وما كان يختلف بعضها عن بعض في أصولها بكبير أمر ، إلا ما كان من الاختلاف بين البصريين والكوفيين ، وقد تختلف في الأسلوب أو الترتيب وبعض المصطلحات دون الأسس والقواعد ، ولكنها كلها أو جلّها لا تخلو من صعوبة ، في عبارتها وفي ترتيبها ، على المتعلم والمراجع في هذا العصر ، وهذا ما حمل بعض الباحثين على أن يحاولوا إيجاد قواعد جديدة تغني عما وضع في النحو منذ أكثر من اثني عشر قرنا ، فلم تفلح محاولة ما ، ذلك أن علماء النحو في القديم خاضوا كلام العرب من شعر ونثر ، فضلا عن كتاب الله وحديث رسول الله ، فلم يتركوا من ذلك كله تعبيرا ولا كلمة ولا حرفا إلا درسوها ، ثم وضعوا لها القواعد ، لذلك اتّسم نحوهم بالدقة والشمول والسعة ، على قدر ما للعربية من إحكام ودقّة وعظم.