بسم الله الرّحمن
الرّحيم
قال (١)
______________________________________________________
(١) قوله (قال ... إلخ) وإنما بدأ بصيغة
الماضي الغائب دون المتكلم والمضارع مع أن قول المصنف رحمهالله وقت تأليف الكتاب
لا في الزمان الماضي للتنبيه على التحقق ودفع الكبر عن نفسه ولأن من دأب بعض
المصنفين رحمهالله تعالى أن يكتب الكتاب أولا بطريق الحاشية ثم يركب الخطبة به
فتسمى حينئذ خطبة إلحاقيّة فناسب الماضي على هذا الاعتبار ، أو لأنه أورد لفظ
الماضي نظرا إلى تصور ما في هذا المختصر من المسائل أولا من الابتداء بتأليفه
فافهم بالإنصاف. اه. جلالية ومولوي.
قوله : (قال ... إلخ) اعلم أن المصنف لم
يبدأ كتابه بعد التيمن بالتسمية بحمد الله سبحانه ، بأن جعله جزءا منه ، فيلزم عدم
متابعته للحديث الواقع في شأن الحمد ، ومخالفته لكتاب الله تعالى ، وترك سنة السلف
المتقدمين.
فأجيب عن الأول بأن المأمور به أعم من
أن يكون بالجنان أو باللسان أو بالكتابة فالمصنف يحتمل أن يأتي بالحمد من غير
الكتابة فلا يلزم عدم متابعة الحديث ، أو يقال : المقصود من ذكر الحمد ذكر صفات
الله على وجه التّعظيم والتمجيد وذا يحصل من التسمية.
وفيه أن حديث الحمد يقتضي أن يؤتى به
على وجه الاستقلال من غير أن يجعل في ضمن التسمية وإلا لم تبق فائدة في حديث الحمد
، والجواب عنه أنه صرح بعض شراح البخاري بأن في صحة حديث التحميد مقالا فلا يصلح
للحجة ، وأيضا قد وقع كتب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الملوك والقضايا
مفتتحة بالتسمية دون التحميد ، فعلم أن المراد بالحمد ذكر الله تعالى فإنه لو لم
يكن كذلك لما صدر كتابه عليه الصلاة والسّلام إلى هرقل ـ لقب سلطان الروم ـ بالتسمية
دون التحميد وعبارته كذلك :
«بسم الله الرحمن الرحيم : من محّمد بن
عبد الله إلى هرقل عظيم الروم ، أمّا بعد : فإني أدعوك بدعوة الإسلام» (١) ، وقيل
: إنما ترك الحمد اقتداء لسيد المرسلين في إظهار عجزه في مقام الحمد ، حيث قال
عليه الصلاة والسّلام : «لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك» (٢) ، وأتبع على
ترك الحمد ترك الصلاة على النبي عليه الصلاة والسّلام وعلى آله وأصحابه.
ويمكن أن يقال : إن ترك الحمد لإظهار
عجزه في مقام الحمد بناء على أن عظمته تعالى ـ
__________________