والثاني : يكون إذا كانت متحركة ومتحركا ما قبلها ، ثم تثبت ولا تقلب ، بل تجعل بين بين ، لقوّة عريكتها (١) ، نحو : سأل ، ولؤم ، وسئل ، إلّا إذا كانت مفتوحة وما قبلها مكسورة أو مضمومة ، فتجعل ياء أو واوا ، نحو : مير ، وجون (٢) ؛ لأن
______________________________________________________
الأصل في الأول أن يقال : إلى الهدى ، ويقال : ايتنا بقلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ؛ لأن أصله ائتنا بهمزتين ؛ لأنه أمر من أتى يأتي لكن لما سقطت ألف الوصل في الدرج اجتمع الساكنان ألف الهدى والهمزة الساكنة التي من فاء الفعل فحذفت الألف لكونه في آخر الكلمة والتغيير بالآخر أولى ، وقبلها الدال مفتوحة فصار دأت من الهدى ائتنا بمنزلة رأس فقلبت الهمزة فيه ألفا كما قلبت همزة رأس ، وأما الذ يتمن أصله الذ ئتمن بهمزة ساكنة التي هي فاء من بعد همزة الوصل فسقطت همزة الوصل أيضا في الدرج فالتقى الساكنان ياء الذي والهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل فحذفت الياء لوقوعها في الطرف وقبلها الذال المكسورة فصار ذئت من الذي ائتمن بمنزلة بئر فقلبت الهمزة فيه ياء قبلها في بئر ، وأمّا من يقول وذن لي أصله ائذن لي بهمزة ساكنة بعد همزة الوصل وهي فاء أذن فسقطت همزة الوصل في الدرج وباشرت لام يقول المضمومة فصار لؤذن من : يقول ؤذن لي بمنزلة لؤم فقلبت الهمزة واوا قلبها في لؤم وكلّ ذلك ـ أي : قلب الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها في كلمة كانت أو في كلمتين ـ جائز لا واجب إذا كان ما قبل الهمزة غير الهمزة ، وأمّا إذا كان ما قبلها همزة أيضا وكانت في كلمة واحدة يجب قلبها نحو آمن وأومن وإيمانا كما سيجيء.
اه ابن سليمان رومي.
(١) قوله : (لقوّة ... إلخ) أي : لقوّة طبيعة الهمزة المتحركة مع تحرك ما قبلها وأقسام ذلك تسعة ؛ لأن الهمزة إمّا مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة ، وعلى التقادير ما قبلها إمّا مفتوح أو مكسور أو مضموم ، والحاصل من ضرب الثلاثة في الثلاثة تسعة فإن كانت الهمزة مفتوحة فما قبلها أيضا مفتوح نحو سأل ، أو مكسور نحو مائة ، أو مضموم نحو مؤجل ، وإن كانت مضمومة فما قبلها إما مضموم نحو لؤم ، أو مفتوح نحو رؤوف ، أو مكسور نحو مستهزئون ، وإن كانت مكسورة فما قبلها إما مكسور أيضا نحو مستهزئين أو مضموم نحو سئل أو مفتوح نحو سئم ، والقياس في الصور التسع كلها أن يجعل بين بين ؛ لأن فيه تخفيفا للهمزة مع بقية من آثارها ؛ ليكون دليلا على أن أصل الكلمة الهمزة لكن في صورتين منها لا يمكن جعلها بين بين ، وأشار إليهما بقوله : إلا إذا كانت ... إلخ.
واعلم أن ما ذكره المصنف من استثناء الصورتين مذهب سيبويه ، وحكي عن يونس جعلها بين بين فيهما أيضا والحقّ ما قاله سيبويه. اه شمس الدين.
(٢) بضم الجيم وفتح الواو أصله جؤن بفتح الهمزة وهو جمع جؤنة بالضم وهي سليلة مستديرة مغشاة أو ما يكون مع العطارين من ظرف العطر ؛ وذلك لأن ... إلخ. اه فلاح.