والنّحو أبوها
، ويقوى في الدرايات (١) داروها (٢) ، ويطغى في الروايات (٣) عاروها (٤) ، فجمعت (٥)
فيه كتابا موسوما ب : «مراح الأرواح» (٦)
______________________________________________________
(١) قوله : (في الدرايات) جمع دراية وهي
العلم من درى يدري على حد ضرب.
فإن قلت : المصدر لا يثنى ولا يجمع ؛ إذ
يقع على القليل والكثير ، فلم جمع ههنا؟.
قلنا : إذا اختلف أنواعه فحينئذ يجوز أن
يجمع بقصد الأنواع كالبيوع والطهارات. اه حنفية.
(٢) قوله : (داروها) أصله داريون ثقلت
الضمة على الياء فنقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها فأسكنت ثم التقى
الساكنان الواو والياء فصار دارون ، ثم لما أضيف إلى الضمير حذفت النون أيضا عند
الإضافة ؛ لئلا يلزم اجتماع المتنافيين ؛ لأن النون لقيامه مقام التنوين يدل على
تمام الكلمة وانفصالها عن غيرها ، والإضافة تدل على عدم تمام الكلمة واتصالها
بغيرها فصار مدلولاهما متنافيان ، والمتنافيان لا يجتمعان فكذا ما يدل عليهما فصار
داروها.
فإن قلت : الضمير في داروها لا يخلو
إمّا إلى الصّرف والنحو كليهما معا ، أو إلى أحدهما معينا ، وعلى كلّ واحد من
الأمرين لا يستقيم إرجاع الضمير كما لا يخفى؟.
قلت : الضمير في داروها يرجع إلى العلم
وهو مصدر يذكر ويؤنث.
وفيه نظر بأنه ما وجه اختيار التأنيث
على التذكير مع أنه أشرف وأقدم وأخصر؟ والجواب أن رعاية السجع تحصل هنا في ضمير المؤنث
، ورعاية السجع مطلوب في الخطب ، فكان إيراد ضمير المؤنث هنا أولى. اه ملا غلام
رباني.
(٣) لأن الألفاظ قوالب المعاني فتصح
بصحتها وتفسد بفسادها. اه نور محمد مدقق.
(٤) قوله : (عاروها) أي : جاهلوها اعلم
أن المقصود من قوله : «اعلم أن الصّرف» إلى هنا ترغيب في الصّرف ، وبيان سبب تأليف
هذا الكتاب ، وبهذا اندفع ما قيل : إن المطلوب بيان المسائل الصّرفية دون مدحها ،
وأيضا العلوم كثيرة فما وجه تأليف المصنف رحمهالله
في علم الصّرف دون غيره؟ وحاصل دفع الأول أن الغرض من مدح الصّرف ترغيب المبتدئ
إليه ، والثّاني أن علم الصّرف لما كان كذلك فلزم فيه تأليف كتاب ليصل الخير إلى
كافة الأنام. اه لمحرره.
(٥) قوله : (فجمعت فيه) جمع بالفتح
كرداورون ، والمراد من الجمع التصنيف على ما في المنتخب وفصل البعض عن البعض وجعل
الشيء قسما قسما ، والشيخ رحمهالله
أيضا جعل قوانين الصّرف متنوعا ، فإن بعضها من الصحيح وبعضها من المضاعف وبعضها من
المهموز إلى غير ذلك ، ولم يقل : فصنفت ، وإن كان المراد ذلك تنبيها على كثرة
المسائل في هذا المختصر ، وكذا لم يقل : فألفت ؛ لأن التأليف توافق أحد الشيئين
بالآخر وإتمام الإلف على ما في كتب اللغة وكلاهما ليس بمرادين هنا فافهم. اه
لمحرره.
(٦) قوله : (بمراح الأرواح) المراح اسم
مكان من الروح بفتح الراء من الاستراحة ، والأرواح جمع روح وهي النفس الناطقة ،
فمعناه في الأصل موضع راحة النفوس الناطقة ، وإنما سمي به ؛ ـ