وقال ابن كثير : «إنّما صنّف الخصائص في فضل علي و أهل البيت ، لأنّه رأى أهل دمشق حين قدمها في سنة ٣٠٢ عندهم نفرة من علي» (١).
وقال السبكي : «و أنكر عليه بعضهم تصنيفه كتاب الخصائص لعليّ رضي الله عنه ، وقيل له : تركت تصنيف فضائل الشيخين ؟! فقال : دخلت دمشق ـ والمنحرف بها عن علي كثير ـ فصنّفت كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله» (٢).
وهكذا يرى القارئ النبيه هذا الشيخ من شيوخ المسلمين ، يدخل مصراً من أمصار الإسلام ، اركسته في الضلال دعاية اُميّة ، و أورده موارد الوبال كيد النواصب ، الّذين ما كرهوا عليّاً و آل علي إلّا لحقدهم الدفين على ابن عمّ علي.. منقذ البشرية و قمّة الإنسانية محمد صلّ الله عليه وآله ، الذي كسر ـ هو وابن عمه علي ـ أصنامهم و سفّه أحلامهم ، فظلّوا والكيد لهذا الدين إرثهم من آكلة الأكباد و أعداء الله و رسوله.
وانتقل معي قارئي العزيز إلى شهادة هذا الشيخ الجليل لترى العجب العاجب.
شهادته
وقصّته أنّه خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق ، فسئل بها عن معاوية وما جاء في فضائله ! فقال : لا يرضى رأساً برأس حتى يفضل ! فما زالوا يدفعون في خصيتيه حتى اُخرج من المسجد وحمل إلى الرملة أو مكّة فتوفّي بها (٣).
قال المباركفوري في مقدّمة تحفة الاحوذي ص ٦٥ : «و للنسائي رسالة طويلة الذيل في مناقبه (عليه السلام) كرّم الله وجهه ، وعليها نال الشهادة في دمشق من أيدي نواصب الشام لفرط تعصّبهم وعداوتهم معه رضي الله عنه».
وقال الدارقطني : «خرج حاجّاً فامتحن بدمشق و أدرك الشهادة وقال : احملوني إلى مكّة ، فحمل و توفّي بها» (٤).
وقال الاسنوي في طبقات الشافعية : «وسبب المحنة أنّه سئل عن معاوية ففضّل
_____________________________
(١) البداية والنهاية ١١ / ١٢٤.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى ٣ / ١٥.
(٣) المنتظم ٦ / ١٣١ ، سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٣٢ ، تهذيب الكمال ١ / ٣٣٩ ، تذكرة الحفّاظ ٧٠٠ ، البداية والنهاية ١١ / ١٢٤ ، الوافي بالوفيات ٦ / ٤١٧.
(٤) سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٣٢ ، العبر ٢ / ١٢٤.