بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في الحديث عنهم عليهم السلام : «أنّ العلّة في هذا النسق الموجود في هذه السورة المباركة أنّه يأتي في آخر الدهر اُناس محقّقون ، فيكون النسق المذكور لافتاً أنظارهم الى حقائق راهنة.
[هُوَ]
و لذلك صدّرها من الأسماء الحسنى بـ ( هُوَ ) الذي هو أعظم الأسماء ، المشار به الى الذات البسيطة في عالم غيب الغيوب ، المجردة عن الاسم والرسم.
[اللَّـهُ]
و ربّما كان ذلك موهماً لأهل الأنظار البسيطة الى تجرّدها حتى عن الأوصاف الكماليّة والجلاليّة والجماليّة ، فجاء بعده (١) باسم الجلالة : ( اللَّـهُ ) المراد به : الذات المستجمعة لجميع صفات الكمال.
[أَحَدٌ]
و بما أنّ ذلك يتوهّم منه القاصر التركيب أو التعدّد ـ كما حسبه الأشاعرة في الصفات الثبوتيّة ـ عقّبه بلفظ : ( أَحَدٌ ) ، المراد به : الذات البسيطة الوحدانيّة ، تنزيهاً لها عن أيّ تركيبٍ و ندٍّ يشاركه في القدم.
[اللَّـهُ الصَّمَدُ]
وكأنّ فرط العظمة ، المفهوم من هاتيك الأسماء العظام ، قد يوقع السذّج في اليأس عن الوصول الى الذات المقدسة ، بأيّ وسيلة ، قد خصّه المولى سبحانه بقوله ـ عزّ من قائلٍ ـ ( اللَّـهُ الصَّمَدُ ) يريد : أنّه مَصْمودٌ إليه بالحوائج ، يقصد بالحاجات فيجيب دعوة الداعي ، و ينجح طلبة المسترفد ، وهو أقرب من عباده من حبل الوريد و إن انتأى عنهم على قدر عظمته ، وحقارة المخلوقين بالنسبة اليه.
[لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ]
و إن ظنّ ظانّ أنّ ذلك القرب لا يكون إلّا بالمسانخة مع البشر ، ومن لوازمه أن يكون مولوداً و والداً ، فهو محجوج بقوله ـ سبحانه ـ ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ).
[وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ]
_____________________________
(١) كذا الصحيح ، والمعنى جاء بعد (هو) بـ (الله) وكان في النسخة : (بعدهم).