قرأ مقدّمات العلوم على لفيف من رجال الفضل والعلم ، وحضر في الفقه والاُصول على والده ، وشيخ الشريعة الإصفهاني ـ وقد أخذ عنه الحديث والرجال أيضاً ـ والسيّد ميرزا علي ابن المجدّد الشيرازي ، وفي الفلسفة على الشيخ محمد حسين الإصفهاني ، وفي الكلام والتفسير على الشيخ محمد جواد البلاغي ، ولازم حلقات دروس مشايخه الثلاثة المتأخّرين أكثر من عشرين سنة.
وشهد له بالإجتهاد كلّ من اُستاذه الشيرازي ، والميرزا حسين النائيني والشيخ عبدالكريم الحائري ، والشيخ محمد رضا ـ أبي المجد ـ الإصفهاني والسيد حسن الصدر ، والشيخ محمد باقر البيرجندي ، وعدد غيرهم.
كما أجازه في رواية الحديث أكثر من ستّين عالماً من أجلّاء العراق و إيران و سوريا ولبنان وغيرها.
والاُردوبادي عالم ضخم ، وشخصيّة فذّة ، و رجل دين مثالي ، وقد لا نكون مبالغين إذا ما وصفناه بالعبقرية ، فقد ساعده ذكاؤه المفرط واستعداده الفطري على النبوغ في كلّ المراحل الدراسيّة والعلوم الإسلامية ، حيث برع في الشعر والأدب حتى تفوّق على كثير من فضلاء العرب ، و وهب اُسلوباً ضخماً غبطه عليه الكثيرون و تضلّع في التاريخ والسير و أيّام العرب و وقائعها ، و أصبح حجّة في علوم الأدب واللغة والفقه و اُصوله والحديث والرجال والتفسير والكلام والحكمة وغيرها ، و نبغ في كلٍّ منها نبوغ المتخصّص مما لفت اليه أنظار الأجلّاء والأعلام ، و أحلّه بينهم مركزاً مرموقاً.
أضف إلى ذلك كمالاته النفسيّة ، ومزاياه الفاضلة ، فقد كان طاهر الذيل ، نقيّ الضمير ، حسن الأخلاق ، جمّ التواضع ، يفيض قلبه إيماناً وثقة بالله ، و يقطر نبلاً و شرفاً ، وكان حديثه يعرب عمّا يغمر قلبه من صفاء ونقاء ، و يحلّي نفسه من طهر وقدسيّة ، وهو ممّن يمثّل السلف الصالح خير تمثيل ، فسيرته الشخصيّة ، و إخلاصه اللامتناهي في كلّ الأعمال ، ولا سيّما العلميّة ، و نكرانه لذاته ، و زهده في حطام الدنيا ، و إعراضه عن زخارف الحياة ومظاهرها الخداعة ، وابتعاده عن طلب الشهرة والضوضاء ، صورة طبق الأصل ممّا كان عليه مشايخنا الماضون رضوان الله عليهم ، فقد قنع من الدنيا بالحق ، وتحزّب له ، وجاهد من أجله ، ولم تأخذه فيه لومة لائم ، فلم تبدّله الأحداث ، ولم تغيّره تقلّبات الظروف ، بل ظلّ والإستقامة أبرز مزاياه ، حتى اختار الله له دار الإقامة.