ولكن أيّ لسان ثمّة ينطق ، و أيُّ قول يرتق ويفتق ، بل أيُّ قلم يجري ، و أيّ جلم يقدّ و يفري ، و أيّ فم ينبس ببنت شفة ، أو أيّ فكر يهجس بعلم أو معرفة ، ليبدي في ذلك المحضر العالي ما يجب لقدسي تلك الذات من المدحة والثناء ، والشكر على ما امتنّ الله به علينا من عظيم الآلاء والنعماء ، فهل من ندحة بعد العجز عن الشكر والمدحة ، إلّا بالضراعة إلى الله جلّ شأنه ، قائلاً :
اللّهمَّ إنّك أقدر القادرين على جزاء المحسنين ، اللّهمَّ فاحفظ دينك القويم الذي ارتضيته لعبادك ، بحفظ بقيّتك في الأرض وخليفة خلفائك في بلادك ، فرع تلك الشجرة ، و ينع هاتيك الثمرة.
اللّهمَّ إنّك ـ أنت ـ أقمته علماً ظاهراً لملتمس الهداية بك ، و مقتبس الرشاد فيك ، وطالب السبيل إليك ، و أنت العليم أنّك لا تعبد في الأرض بعده ، ولا يسدّ أحد مسدّه ، فإنّ الضلال و إن عمّ ، والبلاء و إن اشتد وغمّ ، والكفر و ان فشا ، و الإيمان و إن ضعف وفشل ، ولكن و يا ربّما يلفى آحاد في الاُلوف ، و شذاذ في زوايا الأرض ، به يهتدون إليك ، و بأنوار علمه يستدلّون عليك ، و بمقتبسات آرائه السديدة يعبدونك و يصلّون لك و يصلون إليك ، ولولاه لسوّل لهم الشيطان أن لادين إذ لا دليل عليه ، ولا صاحب له ولا قائم به.
اللّهمَّ فخذ بناصره وشَدِّ أزره ، ومدّ من أعمارنا في عمره ، وافتده بآلاف من نفوسنا و نفيسنا ، بقياً على دينك ، وحفظاً لشريعة نبيّك التي افتداها بريحانته ومهجته ، و أعزّته من بني عمّه وعمومته.
اللّهمَّ فاجعلها بحقِّهم دعوة مستجابة ، مقرونة بالإنابة إليك والإصابة ، إنك بالإجابة جدير ، و أنت على كلّ شيء قدير.
و أعرض لدى آية الله ـ أدام الله على الإسلام ظلّه ـ أنّ إجلال مقامه وتناهي ولائي و إخلاصي له ، هو الذي صدّني هذه البرهة من الزمن ، عن اقتحام عقبة المراسلة ، وتقديم عرائضي لسدته المنيعة ، فإنّي أتهيّب ذلك المقام العالي ، و أرى عليه أستار مهابة الله جلّت عظمته ، ولا أرى شيئاً من القول في وسعي ممّا لا (١) يليق بالعرض عليه :
ألا إنّ ثوباً حيك من نسجِ سبعةٍ |
|
وعشرينَ حرفاً عن معاليهِ قاصرُ |
_____________________________
(١) الظاهر أنها زائدة وهي من سهو قلمه الشريف.