عيونهم وعقولهم به.
وقد تحدّث الدكتور مصطفى جواد في تحقيقه لكتاب «تكملة إكمال الإكمال» لابن الصابوني ، عن هذا الأمر بما يفيد الطالب ، ولا يحضرني الكتاب لأدلّ على مكانه فيه.
وقد كسر علماؤنا السابقون كتباً برأسها لهذا الفنّ ، منها :
شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ، المشتهر باسم التصحيف والتحريف ، للحسن بن عبدالله العسكري (٢٩٣ ـ ٣٨٢ هـ).
و درّة الغوّاص في أوهام الخواصّ ، للقاسم بن علي الحريري (٤٤٦ ـ ٥١٦ هـ).
و ذكر عبدالقادر البغدادي (١٠٣٠ ـ ١٠٩٣ هـ) في مقدمة «خزانة الأدب» من كتب هذا الفنّ سبعة كتب تحت عنوان (ما يتعلّق بأغلاط اللغويّين) [اُنظر خزانة الأدب ١ / ١١ ط. بولاق ١٢٩٩ هـ].
و أفرد له صاحب «كشف الظنون» عنواناً وعدّه علماً ، و كذلك فعل المولى عصام في «مفتاح السعادة ومصباح السيادة».
وممّا شاع على ألسنتهم في العصر الأول : «لا تأخذ العلم عن صحفيّ» يعنون به من يأخذ علمه من الكتب لا من أفواه الشيوخ ، لأنّ الكتب مظنّة التصحيف والتحريف.
وفي هذا الباب من الطرائف والمضحكات الشيء الكثير.
و بالجملة لاغنى لطالب التحقيق عن معرفة فنّ التصحيف والإطّلاع على ما كتب فيه.
و أعتذر عن إيراد قائمة أمثلة له ، لئلّا يصحّفها الطابع فتحتاج إلى تصحيح جديد.. !
و إنّما أدلّ القارئ على قائمة مفيدة في (تحقيق النصوص ونشرها) لعبد السلام هارون ، من أرادها فليراجعها.
وقد كشفت لي متابعة سنين طوال لهذا الأمر أنّ كثيراً من أوهام المحقّقين ـ كباراً وناشئين ـ علّتها عدم إجادة قراءة الخطّ العربيّ..