وما أقول في رجل ،
تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ، فهو رئيس الفضائل
وينبوعها ، وأبو عذرها وسابق مضمارها ، ومجلّي حلبتها ، كل من بزغ فيها بعده فمنه
أخذ ، وله اقتفى وعلى مثاله احتذى.
وقد عرفت أنّ أشرف
العلوم ، هو العلم الإلهي ، لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم ، ومعلومه أشرف الموجودات
، فكان هو أشرف العلوم ، ومن كلامه (عليه السلام) اقتبس وعنه نقل ، وإليه انتهى ،
ومنه ابتدأ.
ومن العلوم : علم
الفقه ، وهو (عليه السلام) أصله وأساسه ، وكلّ فقيه في الإسلام ، فهو عيال عليه ،
ومستفيد من فقهه :
أما أصحاب أبي
حنيفة كأبي يوسف ، ومحمد ، وغيرهما فأخذوا عن أبي حنيفة.
وأما الشافعي ،
فقرأ على محمد بن الحسن ، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة.
وأما أحمد بن حنبل
، فقرأ على الشافعي فيرجع فقهه إلى أبي حنيفة.
وأبو حنيفة ، قرأ
على جعفر بن محمد (عليه السلام) ، وقرأ جعفر على أبيه (عليه السلام) ، وينتهي الأمر
إلى عليّ (عليه السلام).
وأما مالك بن أنس
، فقرأ على ربيعة الرأي ، وقرأ ربيعة على عكرمة ، وقرأ عكرمة على عبد الله بن عباس
، وقرأ عبد الله بن عباس على عليّ بن أبي طالب.
وإن شئت رددت إليه
فقه الشافعي ، بقراءته على مالك ، كان لك ذلك فهؤلاء الفقهاء الأربعة.
وأما فقه الشيعة
فرجوعه إليه ظاهر. وأيضا فإنّ فقهاء الصحابة كانوا ، عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن
عباس ، وكلاهما أخذا عن علي (عليه السلام). أما ابن عباس فظاهر ، وأما عمر فقد عرف
كل أحد رجوعه إليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة. وقوله
غير مرّة : لو لا عليّ لهلك عمر. وقوله : لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وقوله : لا
يفتينّ أحد في المسجد