موضع الجلجلة. والقسم العلوي هو مكان الصلب ، ويدعى جلجته (١) وتمتد المساحة بين موضع الصلب ومكان النزول من الصليب لمسافة خمسة سيجنات. وفي المنطقة المجاورة لمكان الصلب ، وعلى الجانب الشمالي يوجد المكان الذي تمزقت به ملابس المسيح ، وبالقرب منه توجد البقعة حيث وضعوا تاج الأشواك على رأسه ، ووضعوا عليه بسخرية ملابس السلطة.
١٣ ـ مذبح أبراهام (إبراهيم) : ويوجد مذبح إبراهيم بالقرب من هذا المكان ، وعليه قدم إبراهيم أضحيته لله ، وذبح كبشا بدلا من اسحق (٢). وفي هذا المكان نفسه ، الذي اقتيد إليه اسحق ، جيء بالمسيح كضحية ، وصلب إنقاذا لنفوسنا الخاطئة والموضع الذي ضرب به السيد المسيح على وجهه يبعد سيجنين (٣) من هذه البقعة ، التي يبعد عنها السجن الذي أودع فيه المسيح بمسافة ثلاثة سيجنات (٤) ، وبقي هناك لفترة من الوقت ، بينما كان اليهود يعدون وينصبون الصليب الذي
__________________
(١) ترى هذه الأماكن الآن في كنائس صغيرة هي كنيسة نزع الملابس Paring of the Raiment وكنيسة السخريةDerision عند النهاية الشرقية للكنيسة ، على كلا الجانبين ، من الدرج المؤدي إلى كنيسة القديسة هيلانة الصغيرةto the chapel of St.Helena (الترجمة الإنجليزية)
(٢) كانت المنامات عند الصالحين من عباد الله بمثابة الوحي والأمر المباشر ، وقد رأى إبراهيم ـ عليه السلام ـ في منامه انه أمر أن يقدم ابنه قربانا لله ، وقام بعرض هذا الأمر على ابنه فتقبل القضاء بالرضا. قال تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى ، قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). (سورة الصافات ، آية ١٠١). وعند ما توجه سيدنا إبراهيم لتنفيذ العمل وذبح ابنه ناداه الله بالكف. وإن هذا العمل يكفي تصديقا للرؤيا. ورأى إبراهيم كبشا قريبا منه فذبحه فدية عن ولده ، والآيات الخاصة بهذه الحادثة لم تذكر اسم الولد. ولكن سياق الكلام وذكر تبشير إبراهيم بإسحق يؤكد أن الذبيح هو إسماعيل ـ عليه السلام ـ قال تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ، وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ، وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ، سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ ، كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ، وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ) (سورة الصافات ، آية ١٠٣ ـ ١١٣) يتضح من خلال الايات القرآنية أن البشرى بإسحق جاءت بعد ذكر مما يؤكد أن اسحق غير الغلام الذي ابتلى الله إبراهيم بذبحه وعود الضمير إلى الغلام وذكر اسم اسحق معه يقتضي التغاير بين الذبيح واسحق. أما قصة الذبح في التوراة فبطلها عند اليهود اسحق ومن المرجح أن اسم اسحق حشر في غضون القصة ، حرصا من اليهود على أن يكون أبوهم هو الذبيح الذي جاد بنفسه في طاعة ربه وهو في حالة صغره. والدليل على أن الذبيح إسماعيل نستخلصه من التوراة نفسها. فقد وصف الذبيح في التوراة بأنه ابن إبراهيم الوحيد الذي ليس له سواه ، ومع ذلك قرر إبراهيم ذبحه امتثالا لأمر ربه له في منام أدل على نهاية الطاعة والامتثال لأمر الله. وإذا رجعنا إلى اسحق لم نجده وحيدا لإبراهيم في يوم من الأيام لان اسحق ولد وكان إسماعيل في الرابعة عشرة من عمره ، كما هو صريح في التوراة. انظر : عبد الوهاب النجار : قصص الأنبياء ، ص ١٣٣ ـ ١٣٦. ويعتقد اليهود أن المكان الذي توجه إليه إبراهيم ـ عليه السلام ـ عند ما أراد أن يذبح ابنه هو جبل موريا في بيت المقدس. وبما أننا أثبتنا أن إبراهيم أراد أن يذبح ابنه إسماعيل امتثالا لأمر الله فإن المكان الذي توجه إليه سيدنا إبراهيم لذبح ابنه إسماعيل كان في مدينة مكة. وقد وردت قصة ذبح اسحق في سفر التكوين ١٧ : ١ : ٢٢. (الترجمة العربية)
(٣) في بعض المخطوطات على بعد سيجن واحد.Cf.Mac.Mo.
(٤) اختلفت المسافات التي أوردتها المخطوطات ، فالمخطوطة التي تحمل الرمزK أشارت إلى أن المسافة ثلاثة سيجنات ، بينما المخطوطة التي تحمل الرمزR أشارات إلى أن المسافة سبعة سيجنات. وأوردت مخطوطات أخرى أن المسافة عشرة سيجنات. ولا يزال السجن الذي أودع فيه السيد المسيح ـ عليه السلام ـ يحتل الموقع المشار إليه.