وعن السائب بن يزيد ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا مات ابنه الطاهر ذرفت عيناه ، فقيل : يا رسول الله ، بكيت؟ فقال صلىاللهعليهوآله : « إنّ العين تذرف وإنّ الدمع يغلب ، وإنّ القلب يحزن ولا نعصي الله عزّوجلّ » (١).
وروى مسلم في صحيحه : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله زار قبر أمه ، فبكى وأبكى من حوله (٢).
وروي : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا مات عثمان بن مظعون كشف الثوب عن وجهه ، ثمّ قبّل ما بين عينيه ، ثمّ بكى طويلأ ، فلمّا رفع السرير قال : « طوباك ـ يا عثمان ـ لم تلبسك الدنيا ، ولم تلبسها » (٣).
واشتكى سعد بن عبادة شكوى ، فأتاه رسول الله صلىاللهعليهوآله يعوده ، فلمّا دخل عليه وجده في غشيته ، فقال : « أو قد مات؟ » فقالوا : لا يا رسول الله ، فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا رأى القوم بكاءه بكوا ، فقال : « ألا تسمعون؟ إنّ الله لا يعذّب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ، ولكن يعذّب بهذا ـ وأشار إلى لسانه ـ أو يرحم » (٤).
وروي : أنّ ابنة لرسول الله صلىاللهعليهوآله بعثت إليه : إنّ ابنتي مغلوبة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنّ لله ما أخذ ، ولله ما أعطى » وجاءها في ناس من أصحابه ، فأخرجت إليه الصبيّة ، ونفسها يتقعقع (٥) في صدرها ، فرقّ عليها ، وذرفت عيناه ، فنظر إليه أصحابه ، فقال : « ما لكم تنظرون إليّ؟ رحمة يضعها الله حيث يشاء ، إنّما يرحم الله من عباده الرحماء » (٦).
وعن اسامة بن زيد قال : اتي النبي صلىاللهعليهوآله بامامة بنت زينب ، ونفسها يتقعقع في صدرها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لله ما أخذ ، ولله ما اعطى ، وكلّ إلى أجل مسمّى » وبكى ، فقال له سعد بن عبادة : تبكي ، وقد نهيت عن
__________________
١ ـ ورد الحديث في الجامع الكبير ١ : ٢٠٧.
٢ ـ صحيح مسلم ٢ : ٦٧١ ، سنن النسائي ٤ : ٩٠ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٨ / ٣٢٣٤.
٣ ـ ورد الحديث في الجامع الكبير ١ : ٥٦٨.
٤ ـ صحيح البخاري ٢ : ١٠٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٣٦ / ٩٢٤ باختلاف يسير.
٥ ـ تقعقع : اضطرب وتحرك. « القاموس المحيط ـ قعقع ـ ٣ : ٧٢ ».
٦ ـ صحيح البخاري ٢ : ١٠٠ و ٧ : ١٥١و ٨ : ١٦٦ و ٩ : ١٤١ و ١٦٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٣٥ / ٩٢٣ ، التعازي : ١٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٠٦ / ١٥٨٨ ، سنن أبي داود ٣ : ١٩٣ / ٣١٢٥ ، سنن النسائي ٤ : ٢٢ باختلاف في ألفاظه.