فصل :
في ذكر جماعة من السلف ، نقل العلماء رضاهم بالقضاء مضافاً إلى ما تقدّم
إعلم أنّ أكثر ما أوردناه في باب الصبر عن جماعة الأكابر تضمّن الرضا بالقضاء ، بخصوص موت الولد ونحوه ، ولنذكر هنا اُموراً عامة :
لمّا اشتد البلاء على أيوب عليهالسلام قالت امرأته : ألا تدعو ربّك ، فيكشف ما بك؟ فقال لها : « يا امرأة إنّي عشت في الملك والرخاء سبعين سنة ، فأنا أريد أن أعيش مثلها في البلاء ، لعلّي كنت أدّيت شكرما أنعم الله عليّ ، وأولى بي الصبر على ما أبلى » (١).
وروي أن يونس عليهالسلام قال لجبرئيل عليهالسلام : « دلّني على أعبد أهل الأرض » ، فدلّه على رجل قد قطع الجذام يديه ورجليه ، وذهب ببصره وسمعه ، وهو يقول :
إلهي! متّعتني بهما ما شئت ، وسلبتني ماشئت ، وأبقيت لي فيك الأمل ، يابرٌّيا وصول (٢).
وروي أنّ عيسى عليهالسلام مرّ برجل أعمى أبرص مقعد مضروب الجنبين بالفالج ، وقد تناثر لحمه من الجذام ، وهو يقول : الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه.
فقال له عيسى عليهالسلام : « يا هذا ، وأي شيء من البلاء أراه مصروفاً عنك؟ ».
فقال : يا روح الله ، أنا خير ممّن لم يجعل الله في قلبه ما جعل في قلبي من معرفته.
فقال له : « صدقت ، هات يدك » فناوله يده ، فإذا هو أحسن الناس وجهاً ، وأفضلهم هيئة ، قد أذهب الله عنه ما كان به ، فصحب عيسى عليهالسلام ، وتعبد معه (٣).
وقال بعضهم ، قصدت عبادان (٤) في بدايتي ، فإذا أنا برجل أعمى مجذوم مجنون
__________________
١ ـ روي باختلاف في ألفاظ في تنبيه الخواطر ١ : ٤٠ ، وارشاد القلوب : ١٢٧.
(٢ و ٣) أخرجه المجلسي في البحار ٨٢ : ١٥٣.
٤ ـ عبادان : بلد تحت البصرة. « معجم البلدان ٤ : ٧٤ ».