وتحقيق هذا المرام مستوفى في باب العدل
من علم الكلام.
وإذا كانت أفعاله ـ تعالى وتقدس ـ كلها
لمصلحتهم ، وما فيه تمام شرفهم ، والموت من جملة ذلك كما نطق به الوحي الإلهي في
عدة آيات ، كقوله تعالى : (
وما
كان لنفس ان تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً
) ، (
قل
لو كنتم في بيوتكم لبرز إليكم الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم
) ، (
أين
ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة
) ، (
الله
يتوفى الانفس حين موتها )
، إلى غير ذلك من الآيات.
فلولا أن في ذلك غاية المصلحة ، ونهاية
الفائدة للعبد الضعيف الغافل عن مصلحته ، التائه في حيرته وغفلته ، لما فعله الله
تعالى به ؛ لما قد عرفت من أنه أرحم الراحمين ، وأجود الأجودين ، فإن حدثتك نفسك
بخلاف ذلك فاعلم أنه الشرك الخفي ، وإن أيقنته ولم تطمئن نفسك وتسكن روعتك فهو
الحمق الجلي.
وإنما نشأ ذلك من الغفلة عن حكمة ( الله
تعالى )
في بريته ، وحسن قضائه في خليقته ، حتى أن العبد ليبتهل ويدعو الله تعالى أن يرحمه
، ويجيب دعائه في أمثال ذلك ، فيقول الله تعالى لملائكته : كيف أرحمه من شيء به
أرحمه! فتدبر ـ رحمك الله تعالى ـ في هذه الكلمة الإلهية ، تكفيك في هذا الباب إن
شاء الله تعالى.
الثاني : أنه إذا
نظرت إلى أحوال الرسل عليهمالسلام
، وصدقتهم فيما أخبروا به من الامور الدنيوية والاخروية ، ووعدوا به من السعادة
الأبدية ، وعلمت أنهم إنما أتوا أتوا بما أتوا به عن الله جل جلاله ، ( واعتقدت أن
قولهم )
معصوم عن الخطأ ، محفوظ من الغلط والهوى ، وسمعت ما وعدوا به من الثواب على أي نوع من
أنواع المصاب
كما ستراه وتسمعه ، سهل عليك موقعه ، وعلمت أن لك في ذلك غاية الفائدة ، وتمام
السعادة الدائمة ، وأنك قد أعددت لنفسك كنزاً من الكنوز مذخوراً ، بل حرزاً ومعقلاً وجنة
__________________