من كل مكسب ، فأثابه الله عزوجل بذلك فتحا قريبا ، ومغانم كثيرة عجلها وكان الله عزيزا حكيما ، وقد عرف الأمير حفظه الله طول مودتي له ، وقديم حرمتي ، وأني ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل ، ثم إني لم أتعرب بعد الهجرة ، ولم أنافق بعد النصرة ، ولم أكن كحاطب حين ألقى بالمودة ، ولا كتميم يوم نادوا من وراء الحجرات ، بل أقمت على مكانتي ، واصطبرت على عسرتي ، حتى جاء الفتح من عند الله وطلع الأمير حفظه الله ، فلما ظهر وتمكن ، رجونا الغنى معه حين أيسر وأثخن ، والعز تماما على الذي أحسن ، قرّب الأحزاب ، وأدنى المخالفين من الأعراب ، وآثر بالفيء من لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وأصبحت أياديه عند المؤلفة قلوبهم ، ومن كان يلمزه في الصدقات منهم ، وصنائعه عند المعذرين من الأعراب الذين جاءوا من بعدهم ، ظاهرة في الآفاق وفي أنفسهم ، وأصبح نقباء العقبة وفقراء الهجرة ، ومساكين الصفة ، تفيض أعينهم من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ، والسابقون الأولون منّا ومن أهل النصرة مرجون لأمر الله ، فإن رأى الأمير حفظه الله أن يعطف علينا ، من قبل أن تزيغ قلوب فريق منّا فعل ، (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) ، ولست أدري ماذا أعتذر به اليوم الى الناس في أمري عن الأمير ، وهم يعلمون أني قد رأيت فيه ثلثي أملي ولم أبلغ في نفسي ربع رجائي ، أم ماذا ينتظر الأمير فيّ بعد أن آتاه الله الملك وعلمه الحكمة ، ومكنه من خزائن الأرض وجعله في الدنيا وجيها ، وفي الاسلام مكينا ، وعند الخليفة أبقاه الله مطاعا أمينا ، فمن يغر الأمير بعد هذه النعمة ، أو من يعذره مع هذه الكرامة ، ومن يرضى منه بأقل من جبرانه إلا من سفه نفسه ، والسلام».
وقال الهمداني في صفة الجزيرة : «ومن عجائب اليمن حقل صنعاء ، وأول من ارتاده بعد الطوفان سام بن نوح ، فتذكر علماء صنعاء عن كابر فكابر أنه وضع مقراته وهو الخيط الذي يقدر به البناء على موضع الظبر بالظاء كما يقولون وهو حرف الجبل وحرف البناء ولا يذهبون الى التضبير من الأسادة وتضبير الناقة ، ناقة مضبرة ، فبنى الظبر فلما أخذ في البناء أتى طائر مسفا للمقراة فاختطفها وطار بها وأتبعه بصره حتى ألقاها على جبوبة