النعيم (١) فوضع ليبني به فأسف ذلك الطائر للمقراة فاحتملها حتى ألقاها على حرة غمدان فأس سام غمدان واحتفر به بئره التي هي اليوم معروفة ببئر سام.
فأما صنعاء فصحيح على ان الغالب عليها البرد ولصحتها يلبس الانسان بها عند جمود الماء لباس الحر من الكتان والرقائق فلا يدخله بردها لأنه برد يابس ، والدليل على يبسه انه يفطر أطراف العمّال والصناع ويشنّها بالدم ويلبس الانسان الصوف والمبطنات ودوارع (٢) الثعالب في صيفها فلا تؤذيه ، وخبرني عمره الشهابي عن أحمد بن يوسف الحذاقي أنه نظر الى ماء جامد بناحية بيت بوس في أول حزيران. ولا يتحول الانسان الشتاء والصيف من مكانه فاذا اشتد بها الصيف فدخل الرجل ليقيل على فراشه لم يكن بد له من أن يتدثر لأن بيوتها في الصيف باردة لأجل قصة الخير المشبع بها باطن البيوت فيدخل في لحاف على فراشه ويطبق عليه الباب ويسبل الستر والسجف فلا يتغير ضياء البيت لأجل الرخام الذي يكون في الجدران والسقف ، بل إذا كان في السقف رخامة صافية نظر غوم الطائر بظله عليها إذا حاذاها وتؤدي الرخامة لمعان الشمس الى القصة فتقابله بجوهرها وبريقها.
وقال بعض من دخل صنعاء من العراقيين من العجب أن بيت فضة بصنعاء بدينارين يريد القصة المخيرة ، والخيرة عضة مثل عضة الصبر فيها غراء تغرى بها قداح النبل.
وفي صنعاء أنواع الفواكه من العنب على أنواعه ، والرمان الحلو والحامض والممزوج والمليس والسفرجل وليس يلحق به غيره ، والأجاص والمشمش والتفاح والخوخ والجوز واللوز والكمثرى ، وبها الورد والباقلاء الأخضر وجميع أصناف البقول وجميع الحبوب ، والقدر لها بها رائحة ،
__________________
(١) هي الربوة التي تقع شرق قصر صنعاء مما يلي نقم وتعرف اليوم جبوبة النعامي.
(٢) في نسخة صفة جزيرة العرب بتحقيق القاضي محمد بن علي الأكوع ودواويج الثعالب وفسرها بأنها الفراء المدبوغة.