شكلين ، الأول : أنها حملت على عاتقها كل الإعمار الخاص بالعتبات.
الآخر : أنها لم توافق على مطالب إيران بترميم الأضرحة ، وبالرغم من كل المعوقات التي أقامتها الدولة العثمانية ضد إيران ، إلا أن الأخيرة جربت كل الطرق لبسط نفوذها في كربلاء ، وحتى يتسنى لها فتح المدارس في النجف وكربلاء ، ونشر المذهب الشيعي بين الأهالي الذين استقروا بهما ، أرادت استخدام المعلمين والمدارس الواقعة تحت تأثيرها لتحقيق هذه الرغبة ، وفي مقابل هذا لم تسمح الدولة العثمانية باستخدام المدارس الإيرانية خاصة ، وفرضت حظرا على تأسيسها ، واستمر هذا الوضع حتى عهد السلطان عبد الحميد الثاني ، فقد سعى السلطان عبد الحميد لفتح المدارس السنية والمدارس الحديثة الأخرى إلى جانب المدارس الشيعية ، وعمل بذلك على إعاقة النشاط الإيراني في نشر المذهب الشيعي في المنطقة ، وبسط النفوذ الإيراني بها ، وبالرغم من أن هذا الطريق كان مؤثرا ، إلا أن المدارس الشيعية اكتسبت قوة نسبية خارج إدارة الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وكان هناك سلاح آخر لإيران في المنطقة وهو الزوار والتجار الذين يفدون إلى المنطقة في شهر المحرم من كل عام ، وكانت هاتان الطائفتان بمثابة المبشرين لإيران في المنطقة ، وقد سعت الدولة العثمانية للتحكم في تلك الأماكن التي يمر بها هؤلاء الزوار والتجار ، والأماكن التي يتواجدون بها أثناء الزيارة ، حتى لا تتضرر من تلك السياسة ، وكما أنها أنشأت الطرق والجسور المحددة للجماعات التي تأتي من أجل الزيارة فقط ، سعى مدحت باشا أيضا في إنشاء خط سكك حديد كربلاء ـ بغداد حتى لا يبقى التجار والزوار فترة طويلة في كربلاء أثناء الزيارة.
ومن الأشياء التي كانت إيران تستخدمها لفرض نفوذها في المنطقة نسخ القرآن الكريم التي كانت تطبع في إيران وتوزع في كربلاء والذي كان محل نزاع بين الدولتين.