وذلك لأن عدم التمكن من استتباب الأمن في منطقة العراق ، كان عائقا أمام إصلاحات الإدارة الملكية ، وكان نجاح محمد نامق باشا في المجال العسكري عندما قام بتأسيس مشيرية الجيش الهمايوني في العراق والحجاز ، قد خلق قناعة بأن وظيفة القائد ستشمل أيضا المجال الملكي ، فتم التوحيد بين الإدارة الملكية والعسكرية في العراق ، ومنحت تلك الإدارة لمحمد نامق باشا ، وتقرر منحه راتبا شهريّا يقدر ٠٠٠ ، ١٢٧ قرش زيادة عن الراتب الذي يبلغ ٠٠٠ ، ١٠٠ نظير قيادته للمشيرية (١).
قامت الحكومة العثمانية بتقوية نفوذ والي بغداد بالصلاحيات والمسؤوليات العسكرية والملكية ، وكان أهم هدف لها من ذلك هو نقل العشائر الرحل من حياة الترحال إلى حياة الاستقرار وضمان خضوعهم للدولة ، ولم تقتصر تعليمات الحكومة المركزية لمحمد نامق باشا على التعليمات العسكرية فحسب بل شملت أيضا المجالات المالية والملكية ، وهذا هو ملخص ما ورد لمحمد نامق باشا من تعليمات :
«يجب أن يتم تأمين نقل العشائر الموجودة في العراق إلى حياة الاستقرار بدلا من حياة الترحال ، وضمان خضوعهم للدولة ، وخير سبيل لتحقيق ذلك طمأنة الأهالي ، ولأن هؤلاء الأهالي الذين سينقلون إلى حياة الاستقرار سيشتغل أكثرهم بالزراعة فيجب الاستفادة من مياه نهري دجلة والفرات بشكل جيد لتحويل الأراضي إلى أراض منبتة خصبة ، ولأن الصناعة ستكون في المنطقة بنفس القدر الموجود به الزراعة يجب العمل على تصدير المنتجات والمصنوعات الزائدة ، كما يجب دعم المساعي المبذولة في هذا الشأن ، ويجب أن يسود جوّ من الوفاق والوئام بين القادة العسكريين والموظفين الملكيين الموجودين هناك دون أن يتدخل أحدهما في شؤون الآخر ، كما يجب أيضا دفع رواتب الجند
__________________
(١) BOA, A. MKT. MHM ٨٣ / ١٥, ٢ M ٨٦٢١; Sinapli, a. g. e., s. ٥٤١ ـ ٨٤١.