ثبت في العقائد من صحيح الأحاديث مؤيدا بالوقائع التاريخية أن أجسامهم لا تبلى (١) ، طردا لقانون خرق العادة معهم في الحياتين ، وقد جاء القرآن في ذلك بدليل قاطع عند الكلام على نبيّ الله سليمان قال تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ)(٢) أي أن الجن مع سعة علمهم وتمام إدراكهم لم يستطيعوا التمييز بين حالتي الموت والحياة في نبيّ الله سليمان لعدم تغير حال جسمه بعد الموت.
وقد أشهد الله عباده في الدنيا صورة إعادة الروح والبدن إلى ما كانا عليه قبل الموت في قصة : (الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ ،) وهم طائفة من بني إسرائيل هربوا من الطّاعون ، ونسوا الله فأماتهم سبحانه ثمّ أحياهم بدعوة نبيهم «حزقيل».
وكرر الله تعالى ذلك بصورة أخرى في قصة «العزيز» (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.)
__________________
(١) أورد ابن القيم رحمهالله في كتابه «الروح» جملة كبيرة من الآثار والوقائع على ذلك ، فمن شاء فليراجعه.
(٢) تأمل الدقة في قوله تعالى : (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ،) لا جسده ، والجسد محفوظ لا يبلى للأنبياء والأولياء.