البحر ، وهي معرفة
لم تُعرف للبشرية إلا بعد معرفة جغرافية المحيطات ، ودراسة البصريات الطبيعية ،
وغني عن البيان أن نقول : إن العصر القرآني كان يجهل كلية تراكب الأمواج ، وظاهرة
امتصاص الضوء واختفائه في عمق معين في الماء ، وعلى ذلك فما كان لنا أن ننسب هذا
المجاز إلى عبقرية صنعتها الصحراء ولا إلى ذات إنسانية صاغتها بيئة قاريّة » .
هذه الظواهر الثلاث في دلالة الألفاظ ،
توصلنا إلى المنهج الدلالي الأم في استكناه أصول الدلالة وهذا المنهج الأصل هو
القرآن الكريم بحق.
ومن هذا المنطلق فقد وجدنا الخطابي ( ت
: ٣٨٨ ه ) بالذات عالماً ودلالياً فيما أورده من افتراضات ، وما أثبته من تطبيقات
بالنسبة لجملة من ألفاظ القرآن الكريم بتقرير أنها لم تقع ـ ما زعموا توهماً ـ في
أحسن وجوه البيان وأفصحها ، لمخالفتها لوضعي الجودة والموقع المناسب عند أصحاب
اللغة ، وذلك كدعوىٰ افتراضية ، يتعقبها بالرد والكشف والدفاع.
والألفاظ هي كما يلي نذكرها ونعقبها في
آياتها في موارد اختيارها من قبل الخطابي نفسه ليرد عليها فيما بعد : ـ
١ ـ فأكله ، من قوله تعالىٰ : ( فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ
) يوسف / ١٧.
٢ ـ كيل ، من قوله تعالىٰ : ( ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ
) يوسف / ٦٥.
٣ ـ امشوا ، من قوله تعالىٰ : ( وَانطَلَقَ المَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا
(٦) )
، ص / ٦.
٤ ـ هلك ، من قوله تعالىٰ : ( هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
(٢٩) )
، الحاقة / ٢٩.
٥ ـ لحب ، من قوله تعالىٰ : ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ
(٨) )
، العاديات / ٨.
٦ ـ فاعلون ، من قوله تعالىٰ : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ
(٤) )
، المؤمنون / ٤.
٧ ـ سيجعل ، من قوله تعالىٰ : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ
________________