أتبيعونها ، وهي لكم شغاف ولم يزد على
ذلك ، أو نحو من هذا الكلام » .
ولو تجاوزنا حدود العلماء والنقاد العرب
، إلى القادة والسلف الصالح لوجدنا الأمر متميزاً في احترام النص القرآني ،
ومحاطاً بهالة متألقة من التقديس ، فلقد قال الإمام علي عليهالسلام مجاهراً : « وكتاب الله بين أظهركم
ناطق لا يعيا لسانه وبيت لا تهدم أركانه ، وعز لا تهزم أعوانه » .
وهو تعبير حي عن حماية القرآن وصيانته ،
وتبيان لحجج القرآن ودلالته.
وقد كان عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه )
ـ وهو من الفصاحة في ذروة السنام والغارب ـ يقرأ قوله عزّ وجلّ : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا
(٣١) )
فلا يعرفه
فيراجع نفسه ويقول : ما الأبّ ؟ ثم يقول : إن هذا تكلف منك يا ابن الخطاب » .
وكان ابن عباس رحمهالله وهو ترجمان القرآن ووارث علمه يقول :
لا أعرف حناناً ولا غسلين ولا الرقيم .
ولا يعني التحرج في كشف الدلالة القرآنية
عدم وضوح الرؤية ، أو انعدام المراد بل على العكس أحياناً ، فقد أجمع النقاد على
سلامة النظم القرآني ، وتواضعوا على إعجازه ، بل اعتبروا استعمال القرآن لأفصح
الألفاظ بأحسن المواقع متضمنة أسلم المعاني وأعلى الوجوه دلالة ، من مخائل الإعجاز
القرآن ، حتى أوضح الخطابي ( ت : ٣٨٨ ه ) هذا العلم بقوله : « واعلم أن القرآن إنما
صار معجزاً لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف متضمناً أصح المعاني » .
________________