في مهرجان الشريف
الرضي .
وبين يدي الآن « المجازات النبوية » وهو
حاشد بإفاضات الشريف الرضي الدلالية في المجاز والتشبيه والاستعارة والكناية وما
تلاحظه فيه تجده في تلخيص البيان ، وكله نماذج صالحة للاستدلال ، وليس على سبيل
الاختيار وأورد هذا المثال من شرح وإبانة الرضي في الحديث الشريف : ـ
« إيّاكم والمغمضاتِ من الذنوب ».
فإنه يقف عند دلالة اللفظ ويقول : ـ
« المراد بالمغمضات هنا على ما فسره
الثقات من العلماء : الذنوب العظام يركبها الرجل وهو يعرضها فكأنه يغمض عينيه
تعاشياً عنها وهو يبصرها ، ويتناكرها اعتماداً وهو يعرفها ، وربما روي هذا الخبر
بفتح الميم من المغمضات فيكون المراد به على هذا الوجه ضد المراد به على الوجه
الأول لأن المغمضات بالكسر : الذنوب العظام ، والمغمضات بالفتح الذنوب الصغار ، ...
وإنما سميت مغمضات لأن تدق وتخفى ، فيركبها الإنسان بضرب من الشبهة ولا يعلم أنه
عاصٍ يفعلها » .
فالرضي هنا أشار لدلالة اللفظ بلاغياً
فاعتبره استعارة ونقدياً بقوله : « فكأنه يغمض عينيه تعاشياً عنها وهو يبصرها »
ولغوياً فأعطىٰ المعنى على جهة الأضداد في حالتي فتح الميم من ( مغمضات )
وكسرها ، وهو بذلك يعطي نظرة الدلالة عملياً.
وكذلك شأنه في جميع مختاراته من الحديث
في الكتاب المذكور. والطريف عند الشريف الرضي في هذا المجال تداخل تطبيقاته لا في
اختياراته فحسب ، بل فيما يجري مجراها ، ويتعلق بمضمونها ، فيحمله عليها ويعتبره
منها ، وإن لم يقصد إليه أولاً وبالذات ، ولكنه تدافع الكلام ، وسبيل الاستشهاد
المركز كما فعل عند قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: « كيف أنت إذا بقيت في
________________