وخصائصه البيانية والبلاغية ، أو قد يكون منهجاً تقنياً فنياً جديداً يدرس هذه التجربة أو تلك على أساس كونها ظواهر حضارية إنسانية تخضع لمثل جديدة في تقدير قيمتها النقدية ـ الفنية الجمالية ـ التي تخلق الإعجاب والتقدير في طبيعة العمل الأدبي بالنسبة للقارئ والمتذوق » (١).
واحسب أن التطور الدلالي هو من النوع الأخير ، لأن الحركة النقدية المعاصرة التي اهتمت بالمنطق السمانتيكي ( علم الدلالة ) وعلاقته بالرمز تارة وبالصورة الفنية تارة أخرى ، وبالخيال غيرهما تذهب إلى قيمة الدلالة باعتبارها كائناً حضارياً متطوراً يمثل قوة الإدراك في حياة الألفاظ والمعاني ، وإن اهتمت بالخصائص البيانية والبلاغية في توجيه مسيرتها النقدية.
على أن المحدثين من الأوروبيين يختلفون في أولوية الدلالة بين اللفظ والمعنى وينقسمون في ذلك إلى مدرستين نقديتين « المدرسة التحليلية » التي ترى أن المعنى يمكن تحليله إلى عناصره ووحداته الأساسية و « المدرسة العملية » التي ترى أن الكلمة ترمز إلى فكرة أو إشارة وأخيراً إلى مجمل المعنى العام في الجملة أو التعبير. وتدرس هذه المدرسة الكلمات ذاتها مرتبطة بحدثها وعلاقتها العملية مع غيرها دونما اهتمام مباشر بالمعنى قبل الكلمة (٢).
وهذه النظرة التي ترجمها لنا عن الأوروبيين الدكتور عناد غزوان يحللها بقوله : ـ
« واختلاف المدرستين يعود إلى مدى اهتمامهما بالقارئ ، السامع قبل المتكلم ، أو بالمتكلم قبل السامع ، فعلاقة اللغة بالفكر ليست من القضايا البسيطة لتداخلهما من جهة ، لأنهما روح الحضارة الإنسانية من جهة أخرى فما ينشأ عن هذه العلاقة من غموض أو وضوح من إشارة أو رمز ، من صواب أو خطأ ، من حقيقة أو مجاز يتوقف على قدرة اللغة في توصيل فكرها إلى الآخرين وفي الإفصاح عن تلك التجربة الأدبية ، وهنا
________________
(١) عناد غزوان ، التحليل النقدي والجمالي للأدب : ٢٩.
(٢) ظ. عناد غزوان ، المصدر السابق : ٣٢ بتصرف.